للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهَبَ الإمامُ مالِكٌ إلى جَوازِ أنْ يُكرِيَ الرجُلُ مَراعيَ أرضِه سَنةً واحِدةً لا أكثَرَ، جاءَ في «المُدوَّنةُ»: في الرجُلِ يُكري مَراعيَ أرضِه. قُلتُ: أرأيتَ الرجُلَ يُكرِي مَراعيَ أرضِه؟ قالَ: قالَ مالِكٌ: لا بَأْسَ أنْ يَبيعَ الرجُلُ مَراعيَ أرْضِه سَنةً واحِدةً، ولا يَبيعُها سَنتَيْنِ، ولا ثَلاثةً، ولا يَبيعُ مَراعيَ أرضِه حتى تَطيبَ مَراعيها ويَبلُغَ الخِصبُ أنْ يُرعَى، ولا يَبيعُه قبلَ أنْ يَنبُتَ خِصبُها. أشهَبُ خالَفَه في هذا الأصْلِ (١).

وَجاءَ في البَيانِ والتَّحصيلِ لِأبي الوَليدِ بنِ رُشدٍ القُرطُبيِّ قالَ: وسُئِلَ عن الرجُلِ تَكونُ له الأرضُ فيها العُشبُ، فيُريدُ أنْ يَحميَها، أتُرَى ذلك لَهُ؟ قالَ: نَعَمْ، إذا كانَ له بها حاجةٌ، وإنْ لَم تكُنْ له بها حاجةٌ فلا أرَى ذلك لَه.

قالَ مُحمَّدُ بن رُشدٍ: الحُكمُ في الكَلَأِ يَختَلِفُ باختِلافِ مَواضِعِه، ومَواضِعُه تَنقَسِمُ إلى قِسمَيْنِ:

أحَدُهما: أنْ يَكونَ في أرضٍ غيرِ مُتملكَةٍ.

والآخَرُ: أنْ يَكونَ في أرضٍ مُتملكَةٍ.

فَأمَّا إذا كانَ في أرضٍ غيرِ مُتملكَةٍ مثلَ الصَّحارَى والبَرارِي والفَيافِي، فلا اختِلافَ في أنَّ النَّاسَ كلَّهم فيه سَواءٌ، لَيسَ لِأحَدٍ مِنهم أنْ يَمنَعَه، ولا أنْ يَبيعَه وهو قائِمٌ في مَوضِعِه، لِقَولِ رَسولِ اللَّهِ : «لا تَمنَعوا الكَلَأَ»، وقَولِه : «لا يُمنَعُ فَضلُ الماءِ لِيُمنَعَ به الكَلَأُ»، فنَهَى


(١) «شرح ابن بطال» (٦/ ٤٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>