للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى المَذهبِ أيضًا مَنْ أخَذَ منه شَيئًا ملكَه؛ لأنَّه مِنْ المُباحِ فيَملِكُه آخِذُه، كَما لَو أخَذَه مِنْ أرضٍ مُباحةٍ، لَكِنْ لا يَجوزُ له دُخولُ مِلكِ غَيرِه بغَيرِ إذْنِ رَبِّه، ولَوِ استَأذَنَه حَرُمَ مَنْعُه إنْ لَم يَحصُلْ ضَرَرٌ.

واختارَ ابنُ عَقيلٍ أنَّه لا يَملِكُه بأخْذِه، وخَرجَه رِوايةً مِنْ أنَّ النَّهيَ يَمنَعُ التَّمليكَ.

وَجَوابُه: أنَّ تَعَدِّيَه لا يَمنَعُ تَملُّكَه، كَما لَو عَشَّشَ في أرضِه طائِرٌ، أو دخلَ فيها صَيدٌ، أو نَضَبَ الماءُ عن سَمَكٍ، فدخلَ إليه وأخَذَه.

وعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ: يَجوزُ لِمالِكِ الأرضِ التَصرُّفُ فيه بسائِرِ ما يُنقَلُ المِلْكُ؛ لأنَّه مُتوَلَّدٌ مِنْ أرضِه، وهي مَملوكةٌ لَه، وجَوَّزَ ذلك الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ.

قالَ في «الاختِيارات»: ويَجوزُ بَيعُ الكَلَأِ ونَحوِه، والمَوجودِ في أرضِه، إذا قَصَدَ استِنْباتَه.

وَلَه الدُّخولُ لِرَعْيِ كَلَأٍ، وأخْذِه، ونَحوِه، إذا لَم يُحَوِّطْ عليه، بلا ضَرَرٍ، نقلَه ابنُ مَنصورٍ، وقالَ: لأنَّه لَيسَ لِأحَدٍ أنْ يَمنَعَه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وأمَّا ما يَحوزُه مِنْ الماءِ في إنائِه أو يَأخُذُه مِنْ الكَلَأِ في حَبَلِه، أو يَحوزُه في رَحْلِه أو يَأخُذُه مِنْ المَعادِنِ؛ فإنَّه يَملِكُه بذلك، ولَه بَيعُه بلا خِلافٍ بينَ أهلِ العِلمِ، فإنَّ النَّبيَّ قالَ: «لَأنْ يَأخُذَ أحَدُكم حَبلًا فيَأخُذَ حُزمةً مِنْ حَطَبٍ فيَبيعَ فيَكُفَّ اللَّهُ به وَجْهَهُ خَيرٌ له مِنْ أنْ يَسألَ النَّاسَ، أُعطِيَ أو مُنِعَ». رَواه البُخاريُّ، ورَوَى أبو عُبَيدٍ في الأموالِ عن

<<  <  ج: ص:  >  >>