قُلتُ: وإنَّما كَرِهَ مالِكٌ بَيعَ بِئرِ الماشِيةِ أنْ يُباعَ ماؤُها، أو يُباعَ أصْلُها، قالَ: نَعَمْ.
قُلتُ: وأهلُها أحَقُّ بمائِها، حتى إذا فَضَلَ عنهم كانَ النَّاسُ فيه أُسوةً. قالَ: نَعَمْ.
قُلتُ: وهَل كانَ مالِكٌ يَكرَهُ بَيعَ آبارِ الشَّفَهِ، قالَ: قالَ مالِكٌ: إنْ كانَتِ البِئرُ في أرضِه، أو في دارِه، لَم أرَ بَأْسًا أنْ يَبيعَها ويَبيعَ ماءَها.
قُلتُ: وهَل كانَ مالِكٌ يَجعَلُ رَبَّها أحَقَّ بمائِها مِنْ النَّاسِ؟ قالَ: نَعَمْ.
قُلتُ: فالمَواجِلُ، أكانَ مالِكٌ يَجعَلُ رَبَّها أَوْلَى بمائِها؟ قالَ: أمَّا كلُّ ما احتَفَرَ في أرضِه أو في دارِه يُريدُه لِنَفْسِه، مثلَ ما يُحدِثُ النَّاسُ في دُورِهم، فهو أحَقُّ به، ويَحِلُّ بَيعُه، وأمَّا ما عَمِلَ مِنْ ذلك في الصَّحارِي وفَيافي الأرضِ، مثلَ مَواجِلِ طَريقِ المَغرِبِ؛ فإنَّه كانَ يَكرَهُ بَيعَها مِنْ غيرِ أنْ يَراه حَرامًا، وجُلُّ ما كانَ يَعتَمِدُ عليه الكَراهيةُ، واستِثقالُ بَيعِ مائِها، وقَد فَسَّرتُ لَكَ ما سَمِعتُ مِنْ مالِكٍ، ووَجْهُ ما سَمِعتُ مِنه، وهي مِثلُ الآبارِ التي يَحتَفِرونَها لِلماشيةِ، أنَّ أهلَها أَوْلَى بمائِها -حَتَّى يَرْوُوا-، ويَكونُ لِلنَّاسِ ما فَضَلَ إلَّا مَنْ مَرَّ بها لِشَفَتِهم ودَوابِّهِم؛ فإنَّ أُولَئِكَ لا يُمنَعونَ، كَما لا يُمنَعونَ مِنْ شُربِهم مِنها (١).
(١) «المدونة الكبرى» (١١/ ٤٢٨، ٤٢٩)، و «المقدمات الممهدات» (٢/ ٢٩٩، ٣٠٠)، و «الجامع» لابن يونس (١٣/ ١٠٣٣، ١٠٤٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute