للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرْضَه سَنتَيْنِ، وفيها الشَّجرُ والنَّخلُ وحَدائِقُ المَدينةِ الغالِبَ عليها النَّخلُ، والأرضُ البَيضاءُ فيها قَليلةٌ.

فهَذا إجارةُ الشَّجرِ لِأخْذِ ثَمرِها، ومَنِ ادَّعَى أنَّ ذلك خِلافُ الإجماعِ، فمِن عَدَمِ عِلمِه، بَلِ ادِّعاءُ الإجماعِ على جَوازِ ذلك أقرَبُ؛ فإنَّ عُمرَ فعلَ ذلك بالمَدينةِ النَّبَويةِ بمَشهَدِ المُهاجِرينَ والأنصارِ، وهي قِصَّةٌ في مَظِنَّةِ الِاشتِهارِ، ولَم يُقابِلْها أحَدٌ بالإنكارِ، بَلْ تَلَقَّاها الصَّحابةُ بالتَّسليمِ والإقرارِ، وقَد كانوا يُنكِرونَ ما هو دُونَها، وإنْ فعلَه عُمرُ ، كَما أنكَرَ عليه عِمرانُ بنُ حُصَينٍ وغَيرُه شَأنَ مُتعةِ الحَجِّ، ولَم يُنكِرْ أحَدٌ هذه الواقِعةَ وسَنُبَين إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى أنَّها مَحضُ القِياسِ، وأنَّ المانِعينَ مِنها لا بدَّ لَهم مِنها، وأنَّهم يَتحيَّلونَ عليها بحِيَلٍ لا تَجوزُ.

الوَجهُ التَّاسِعُ: أنَّ المُستَوفَى بعَقدِ الإجارةِ على زَرعِ الأرضِ هو عَينٌ مِنْ الأعيانِ، وهو المَغلُ الذي يَستَغِلُّه المُستَأجِرُ، وليسَ له مَقصودٌ في مَنفَعةِ الأرضِ غيرُ ذلك، وإنْ كانَ له قَصدٌ جَرَى في الِانتِفاعِ بغَيرِ الزَّرعِ، فذلك تَبَعٌ.

فَإنْ قيلَ: المَعقودُ عليه هو مَنفَعةُ شَقِّ الأرضِ وبَذْرِها وفِلَاحَتِها، والعَينُ تَتولَّدُ مِنْ هذه المَنفَعةِ، كَما لَوِ استَأجَرَ لِحَفْرِ بِئرٍ فخَرجَ مِنها الماءُ فالمَعقودُ عليه هو العَملُ نَفْسُه، لا الماءُ.

قيلَ: مُستَأجِرُ الأرضِ لَيسَ له مَقصودٌ في غيرِ المَغلِ، والعَملُ وَسيلةٌ مَقصودةٌ لِغَيرِها، لَيسَ له فيه مَنفَعةٌ، بَلْ هو تَعَبٌ ومَشَقَّةٌ، وإنَّما مَقصودُه ما

<<  <  ج: ص:  >  >>