مَعلومةً؛ فهو مِثلُ أنْ يَكونَ دَابَّةً يَركَبُ ظَهرَها مدَّةً مَعلومةً.
وَإذا تَغَيَّرَتِ العادةُ في ذلك كانَ تَغيُّرُ العادةِ في المَنفَعةِ يُمَلِّكُ المُستَأجِرَ إمَّا الفَسخَ، وإمَّا الأرشَ، وكذلك إذا أكراه حَديقةً يَستَعمِلُها حَولًا أو حَولَيْنِ، كَما فعلَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ لَمَّا قبلَ حَديقةَ أُسَيدِ بنِ حُضَيرٍ ثَلاثَ سِنينَ، وأخَذَ المالَ وقَضَى به دَيْنًا كانَ عليه.
وَإذا كانَ المُستَأجِرُ هو الذي يَقومُ على هذه الدَّوابِّ فهو إجارةٌ، وهو أَوْلَى بالجَوازِ مِنْ إجارةِ الظِّئرِ.
وأمَّا إذا كانَ صاحِبُ الماشيةِ هو الذي يَعلِفُها ويَسقيها ويُؤويها وطالِبُ اللَّبنِ لا يَعرِفُ إلَّا لَبنَها، وقَدِ استَأجَرَها تُرضِعُ سِخالًا لَه، فهو مِثلُ إجارةِ الظِّئرِ، وإذا كانَ لِيأخُذَ اللَّبنَ هو، فهو يُشبِهُ إجارةَ الظِّئرِ لِلرَّضاعِ المُطلَقِ، لا لِإرضاعِ طِفلٍ مُعيَّنٍ، وهذا قد يُسَمَّى بَيعًا، ويُسَمَّى إجارةً، وهو نِزاعٌ لَفظيٌّ.
وَإذا قيلَ: هو بَيعٌ مَعدومٌ، قيلَ: نَعَمْ، وليسَ في أُصولِ الشَّرعِ ما يَنهَى عن بَيعِ كلِّ مَعدومٍ، بَلِ المَعدومُ الذي يُحتاجُ إلى بَيعِه وهو مَعروفٌ في العادةِ يَجوزُ بَيعُه، كَما يَجوزُ بَيعُ الثَّمرةِ بعدَ بُدُوِّ صَلاحِها؛ فإنَّ ذلك يَصحُّ عندَ جُمهورِ العُلماءِ، كَمَا دَلَّتْ عليه السُّنةُ مع أنَّ الأجزاءَ التي تُخلَقُ بَعدُ مَعدومةٌ وقَد دخلَتْ في العَقدِ، وكذلك يَجوزُ بَيعُ المَقاثيِّ وغَيرِها على هذا القَولِ، واللَّهُ أعلمُ (١).
(١) «مجموع الفتاوى» (٣٠/ ١٩٩، ٢٠١)، و «المبدع» (٥/ ٧٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٦١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٦)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٠٨).