وقالَ غَيرُه: إذا خِيفَ ألَّا يَنكَشِفَ الماءُ عَنها لَم يَجُزْ أيضًا بغَيرِ نَقْدٍ؛ لِمَا أعلَمتُكَ ممَّا يَمنَعُ به الرجُلُ مِلْكَهُ (١).
وقالَ الشَّافعيَّةُ: الأرضُ أنواعٌ:
مِنها: أرضٌ لَها ماءٌ مِنْ نَهَرٍ أو بِئرٍ أو عَينٍ ونَحوِها، يَكفيها؛ فهذه يَصحُّ استِئجارُها قَطعًا.
وَمِنها: أرضٌ لا ماءَ لَها، لَكِنْ يَكفيها المَطَرُ المُعتادُ والنَّداوةُ التي تُصيبُها مِنْ الثُّلوجِ المُعتادةِ أو لا يَكفيها ذلك، لَكنَّها تُسقَى بماءِ الثَّلجِ والمَطَرِ في الجَبَلِ، والأغلَبُ فيها الحُصولُ، ففيه وَجهانِ، أصَحُّهما أنَّه يَصحُّ إجارَتُها.
وَمِنها: أرضٌ لا ماءَ لَها، ولا تَكفيها الأمطارُ المُعتادةُ ولا تُسقَى بماءٍ غالِبِ الحُصولِ مِنْ الجَبَلِ، ولَكِنْ إنْ أصابَها مَطَرٌ عَظيمٌ أو سَيلٌ نادِرٌ أمكَنَ زَرعُها، وهذه لا يَصحُّ استِئجارُها قَطعًا.
وَمِنها: أرضٌ على شَطِّ النِّيلِ والفُراتِ وغَيرِهما، يَعلو الماءُ عليها، ثم يَنحَسِرُ ويَكفي ذلك لِزِراعَتِها في السَّنةِ؛ فإنِ استَأجَرَها لِلزِّراعةِ بَعدَما عَلاها الماءُ وانحَسَرَ صَحَّ، وإنْ كانَ قبلَ أنْ يَعلوَها الماءُ، فإنْ كانَ لا يُوثَقُ بهِ؛ كالنِّيلِ، لا يَنضَبِطُ أمْرُه، لَم يَصحَّ، وإنْ كانَ الأغلَبُ حُصولَه، ففيه وَجهانِ، أصَحُّهما الجَوازُ.
(١) «المدونة» (١١/ ٥٤٢)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٢١)، و «جامع الأمهات» (٤٣٥)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٢٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٦٨).