ولا شَكَّ في صِحَّتِه؛ لأنَّه لَم يَستَأجِرْها لِلزِّراعةِ بخُصوصِها حتى يَكونَ عَدَمُ رَيِّها فَسْخًا لَها (١).
وقالَ المالِكيَّةُ: لا يَجوزُ استِئجارُ أرضٍ لِلزِّراعةِ لا ماءَ لَها قَطَعَها، ولا في الأغلَبِ.
واختُلِفَ في استِئجارِ أرضٍ ماؤُها غامِرٌ -أي: كَثيرٌ- وانكِشافُه نادِرٌ، فمَذهَبُ المُدوَّنةِ الجَوازُ، على تَقديرِ انكِشافِ الماءِ عَنها، ولَكِنْ لا يَجوزُ النَّقدُ فيها، ولَو تَطوُّعًا، وكَذا أرضُ النِّيلِ والمَطَرُ الغالِبُ عادةً، فتَصحُّ إجارَتُها، والنَّقدُ فيها، وقيلَ: لا يُنقَدُ في أرضِ المَطَرِ.
وَفي قَولٍ: لا يَجوزُ.
وأمَّا الأرضُ المَغمورةُ التي لا يُمكِنُ انكِشافُ الماءِ عَنها عادةً فلا يَجوزُ عَقدُ كِرائِها حتى تَنكَشِفَ بالفِعلِ.
وَجاءَ في «المُدوَّنةِ»: في الرجُلِ يَكتَري الأرضَ الغَرِقةَ، والنَّقدِ في ذلك:
قُلتُ: أرَأيتَ إنْ أكرَيْتُه أرضي هذه وهي غَرِقةٌ على أنَّه إنْ نَضَبَ الماءُ عَنها فهي له بما سَمَّيْنا مِنْ الكِراءِ، وإنْ ثبَتَ الماءُ فلا كِراءَ بَينَنا، قالَ: هذا جائِزٌ إنْ لَم يَنقُدِ الكِراءَ، فإنْ نَقَدَ الكِراءَ لَم يَصلُحْ؛ لأنَّ هذا غيرُ مَأْمونٍ؛ لأنَّها بحالٍ ما وُصِفَتُ لَكَ غَرِقةً يُخافُ عليها ألَّا يَنكَشِفَ الماءُ عَنها إلَّا أنْ تَكونَ أرضًا لا يُشَكُّ في انكِشافِ الماءِ عَنها فلا بَأْسَ به.
(١) «البحر الرائق» (٧/ ٣٠٥)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٧٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «ابن عابدين» (٦/ ٢٩).