للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوِ استَأجَرَتِ المَرأةُ زَوجَها لِيَخدُمَها في البَيتِ بأجْرٍ مُسمًّى فهو جائِزٌ؛ لأنَّ خِدمةَ البَيتِ غيرُ واجِبةٍ على الزَّوجِ، فكانَ هذا استِئجارًا على أمْرٍ غيرِ واجِبٍ على الأجيرِ، وكَذا لَو استَأجَرَتْه لِرَعْيِ غَنَمِها؛ لأنَّ رَعْيَ الغَنَمِ لا يَجِبُ على الزَّوجِ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: تَجوزُ إجارةُ المَرأةِ على الِاستِرضاعِ لِلطِّفلِ؛ لِنَصِّ القُرآنِ، ولِلضَّرورةِ الدَّاعيةِ إلى ذلك، وسَواءٌ كانَتْ أُجرةُ الظِّئرِ نَقدًا أو طَعامًا.

وَإذا أجَّرَتِ المَرأةُ نَفْسَها لِلرَّضاعةِ بغَيرِ إذْنِ زَوجِها فلَه أنْ يَفسَخَه؛ لِمَا يَلحَقُه مِنْ الضَّررِ، وسَواءٌ كانَ له وَلَدٌ أو لا، ولَه أنْ يُجيزَه.

فَلَو لَم يَعلَمْ زَوجُها بذلك إلَّا بعدَ أنْ طَلَّقَها فليسَ له فَسْخُه، والمَذهَبُ أنَّ الشَّريفةَ إذا أجَّرتْ نَفْسَها لِرَضاعِ وَلَدِ غَيرِها فالإجارةُ لَازِمةٌ لَها، لَيسَ لِأبيها فَسخُها، وقيلَ: له فَسخُها.

وإنْ أجَّرَتْ نَفْسَها بغَيرِ إذْنِه ولَم يَعلَمْ بذلك وهي في عِصمَتِه إلَّا بعدَ مدَّةٍ فأُجرةُ ما مَضَى تَكونُ لَها، ولا شَيءَ لِلزَّوجِ مِنه، ولَه فَسخُ الإجارةِ في المُستَقبَلِ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ١٩٢)، و «الاختيار» (٣/ ٧٠، ٧١)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٦٤، ٣٦٦)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٢٧، ١٢٨)، و «العناية» (١٢/ ٤٠٠).
(٢) «مواهب الجليل» (٧/ ٤٠٧)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٧٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٥١، ٣٥٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٦٠)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>