للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضُرُّ بالصَّغيرِ، وهي يَضُرُّها أيضًا الرَّضاعُ، فكانَ لَها ولَهمُ الخيارُ؛ دَفعًا لِلضَّررِ عَنها وعَنِ الصَّبيِّ، وهذا لأنَّ هذه إجارةٌ، والإجارةُ تُفسَخُ بالأعذارِ.

وَلَوِ استَأجَرَ امرَأتَه لِتَخدُمَه كلَّ شَهرٍ بأجْرٍ مُسمًّى لَم يَجُزْ؛ لأنَّ خِدمةَ البَيتِ عليها فيما بَينَها وبَينَ اللَّهِ تَعالى؛ لِمَا رُوِيَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ قَسَّمَ الأعمالَ بينَ علِيٍّ وفاطِمةَ فجعلَ ما كانَ في داخِلِ البَيتِ على فاطِمةَ ، وما كانَ في خارِجِ البَيتِ على علِيٍّ ، فكانَ هذا استِئجارًا على عَملٍ واجِبٍ، فلَم يَجُزْ، ولأنَّها تَنتَفِعُ بخِدمةِ البَيتِ والاستِئجارِ على عَملٍ يَنتفِعُ به الأجيرُ غيرِ جائِزٍ.

وَلا يَجوزُ استِئجارُ الزَّوجةِ على رَضاعِ وَلَدِه مِنها؛ لأنَّ ذلك استِئجارٌ على خِدمةِ الوَلَدِ؛ وإنَّما اللَّبنُ يَدخُلُ فيه تَبَعًا، فكانَ الِاستِئجارُ على أمْرٍ عليها فيما بَينَها وبَينَ اللَّهِ تَعالى، ولأنَّ الزَّوجةَ مُستَحِقَّةٌ لِلنَّفَقةِ على زَوجِها، ولأنَّ أُجرةَ الرَّضاعِ تَجرِي مَجرَى النَّفَقةِ، فلا تَستَحِقُّ نَفَقَتَيْنِ على زَوجِها، حتى لَو كانَ لِلوَلَدِ مالٌ، فاستَأجَرَها لِإرضاعِ وَلَدِها منه مِنْ مالِ الوَلَدِ، جازَ؛ لأنَّه لا نَفَقةَ لَها على الوَلَدِ؛ فلا يَكونُ فيه استِحقاقُ نَفَقَتَيْنِ.

وَلَوِ استَأجَرَ لِوَلَدِه مِنْ ذَواتِ الرَّحِمِ المَحْرَمِ اللَّاتي لَهُنَّ حَضانَتُه جازَ؛ لأنَّه لَيسَ عليهنَّ خِدمةُ البَيتِ، ولا نَفَقةَ لَهُنَّ على أبي الوَلَدِ، ويَجوزُ استِئجارُ الزَّوجةِ لِتُرضِعَ وَلَدَه مِنْ غَيرِها؛ لأنَّه لَيسَ عليها خِدمةُ وَلَدِ غَيرِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>