للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَصحُّ بطَعامِها وكِسوَتِها عندَ أبي حَنيفَةَ، وقالَ أبو يُوسفَ، ومُحمَّدٌ: لا يَجوزُ؛ لأنَّ الأُجرةَ مَجهولةٌ، فصارَ كَما إذا استَأجَرَها بهِما لِلطَّبخِ والخَبْزِ.

وَلِأبي حَنيفَةَ أنَّ الجَهالةَ هُنا لا تُفضي إلى المُنازَعةِ؛ لأنَّ العادةَ جَرَتْ بالتَّوسِعةِ على الأظآرِ شَفَقةً على الأولادِ، وألَّا يُشاحِحَها، بَلْ أنْ يُعطيَها ما طَلَبتْ، ويُوافِقُها على مُرادِها، والجَهالةُ إذا لَم تُفْضِ إلى المُنازَعةِ لا تَمنَعُ الصِّحَّةَ؛ كَبَيعِ قَفيزٍ مِنْ صُبرةِ طَعامٍ بخِلافِ الطَّبخِ والخَبْزِ، وغَيرِ ذلك؛ لأنَّ الجَهالةَ فيها تُفضي إلى المُنازَعةِ؛ لِجَرَيانِ المُماكَسةِ والمُضايَقةِ فيها.

وَلا يُمنَعُ الزَّوجُ مِنْ وَطئِها؛ لأنَّه حَقُّه، فلا يَتمكَّنُ المُستَأجِرُ مِنْ إبطالِه، لأنَّ حَقَّه ثابِتٌ بالنِّكاحِ قبلَ الإجارةِ، وهو قائِمٌ بَعدَها، ولَكِنْ لِلمُستَأجِرِ مَنْعُ زَوجِها مِنْ دُخولِ بَيتِه؛ لأنَّ المَنزِلَ لَه.

وَيَجوزُ لِلزَّوجِ أنْ يَفسَخَ الإجارةَ إذا لَم يكُنْ يَعلَمُ بها، سَواءٌ كانَ يَشينُه إجارَتُها، بأنْ كانَ وَجيهًا بينَ النَّاسِ، أو لَم يَشِنْه في الأصَحِّ، لِمَا أنَّ له أنْ يَمنَعَها مِنْ الخُروجِ، وأنْ يَمنَعَ الصَّبيَّ الدُّخولَ عليها، ولأنَّ الإرضاعَ والسَّهَرَ باللَّيلِ يُضعِفُها ويُذهِبُ جَمالَها، فكانَ له المَنعُ مِنه، كَما يَمنَعُها مِنْ الصِّيامِ تَطوُّعًا.

لَكِنْ إذا ثبَتَتِ الزَّوجيَّةُ بإقرارِهِما، لَيسَ له أنْ يَفسَخَ الإجارةَ؛ لأنَّهما لا يُصَدَّقانِ في حَقِّ المُستَأجِرِ.

وإنْ مَرِضَتْ أو حَبِلَتْ فُسِخَتِ الإجارةُ؛ لأنَّ لَبنَ الحُبلَى والمَريضةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>