للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ لَم يكُنْ عالِمًا بالإجارةِ فلَه الخيارُ بينَ قيامِه على النِّكاحِ وبَينَ فَسخِهِ؛ لأنَّ تَفويتَ الِاستِمتاعِ في النَّهارِ عَيبٌ؛ فاستَحقَّ به الفَسخَ؛ فلَو مَكَّنَ المُستَأجِرَ مِنْ الِاستِمتاعِ بها في النَّهارِ لَم يَسقُطْ حَقُّه مِنْ الخيارِ؛ لأنَّ المُستَأجِرَ مُتطوِّعٌ بالتَّمكينِ، فلَم يَسقُطْ بتَطوُّعِه خِيارٌ مُستحَقٌّ.

وَهَذا في إجارةِ العَيْنِ، فإنِ التَزَمتْ عَملًا في الذِّمةِ صَحَّ، وإنْ لَم يَأذَنِ الزَّوجُ، ثم إنْ وَجَدَتْ فُرصةً وعَمِلَتِ استَحقَّتِ الأُجرةَ.

وَيَجوزُ لِلزَّوجِ استِئجارُ زَوْجَتِه لكلِّ عَملٍ، ويَجوزُ لِلمَرأةِ استِئجارُ زَوجِها، ولَها مَنعُه مِنْ الِاستِمتاعِ بها وَقتَ العَملِ، لَكِنْ تَسقُطُ نَفَقَتُها (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: لا يَصحُّ إجارةُ الزَّوجةِ نَفْسِها لِرَضاعٍ وخِدمةٍ وصَنعةٍ بعدَ نِكاحٍ، إلَّا بإذْنِ زَوجِها؛ لأنَّه عَقدٌ يَفوتُ به حَقُّ مَنْ ثبَتَ له الحَقُّ بعَقدٍ سابِقٍ؛ فلَم يَصحَّ؛ كَإجارةِ المُؤجَّرِ.

فَأمَّا مع إذْنِ الزَّوجِ فإنَّ الإجارةَ تَصحُّ ويَلزَمُ العَقدُ؛ لأنَّ الحَقَّ لَهُما لا يَخرُجُ عَنهُما.

وَلَو أجَّرَتْ نَفْسَها لِعَملٍ في ذِمَّتِها صَحَّ العَقدُ؛ لأنَّ ذِمَّتَها قابِلةٌ لِذلك؛ فإنْ عَمِلَتِ العَملَ الذي استُؤجِرَتْ له بنَفْسِها، أو عَمِلَه مَنْ أقامَتْه مَقامَها استَحقَّتِ الأُجرةَ؛ لأنَّها وَفَّتْ بالعَملِ.


(١) «الحاوي الكبير» (١١/ ٤٤٦)، و «المهذب» (١/ ١٦٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٣٦، ٣٣٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٨٤، ٣٨٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣١٣)، و «الديباج» (٢/ ٤٦٠، ٤٦١)، و «كنز الراغبين مع حاشية عميرة» (٣/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>