للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الشَّافعيَّةُ في الأصَحِّ: لا يَجوزُ استِئجارُ المَرأةِ المُتزَوِّجةِ لِرَضاعٍ أو غَيرِه ممَّا يُؤدِّي إلى خَلوةٍ مُحرَّمةٍ بغَيرِ إذْنِ الزَّوجِ؛ لأنَّ أوقاتَها مُستَغرَقةٌ بحَقِّه، فلا تَقدِرُ على تَوفيةِ ما التَزَمتْه. فإنْ أجَّرتْ نَفْسَها فلَه الخيارُ في فَسخِ الإجارةِ عليها.

وَفي مُقابِلِ الأصَحِّ عندَ الشَّافعيَّةِ: يَجوزُ؛ لأنَّ مَحَلَّه غيرُ مَحَلِّ النِّكاحِ؛ إذْ لا حَقَّ لِلزَّوجِ في خِدمَتِها، ولا في لَبنِها، وعَلَى هذا لِلزَّوجِ فَسخُه؛ حِفظًا لِحَقِّه.

وَقيلَ: إنَّه لَو كانَ غائِبًا غَيبةً بَعيدةً، أو صَغيرًا، فأجَّرَتْ نَفْسَها لِعَملٍ تَعمَلُه في مَنزِلِه يَنقَضي قبلَ قُدومِه، أو تَأهُّلِه لِلتَّمَتُّعِ، جازَ، ولَو حَضَرَ في أثناءِ المدَّةِ انفَسخَتْ فيما بَقيَ.

واعتِراضُ الغَزِّيِّ -بأنَّ مَنافِعَها مُستَحقَّةٌ له بعَقدِ النِّكاحِ- مَمنوعٌ؛ لأنَّ الزَّوجَ لَم يَستَحقَّ المَنافِعَ، وإنَّما استَحقَّ أنْ يَنتفِعَ، وهو مُتعَذِّرٌ.

وَفي وَجْهٍ: لا اعتِراضَ لِلزَّوجِ عليها.

وَلَو أجَّرَتْ نَفْسَها ولا زَوجَ لَها، ثم نُكِحَتْ في المدَّةِ، فالإجارةُ بحالِها، وليسَ لِلزَّوجِ مَنْعُها مِنْ تَوفِيةِ ما التَزَمتْه؛ لأنَّ مَنافِعَها مُلِّكَتْ بعَقدٍ سابِقٍ على نِكاحِه، كَما لَو أجَّرَتْ نَفْسَها بإذْنِه، لَكِنْ يَستَمتِعُ بها في أوقاتِ فَراغِها، وهذا إذا كانَ عالِمًا بها فلا خيارَ لَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>