نَهْيُه عن اشتِراطِ جُزءٍ مَشاعٍ مِنْ الدَّقيقِ، بلْ عن شَيءٍ مُسمًّى، وهو القَفيزُ، وهو مِنْ المُزارَعةِ (١).
وَأجازَه الحَنابِلةُ إذا كانَ بجُزءٍ مَشاعٍ مِنه؛ كَنِصفِه، أو سُدُسِه، أمَّا غيرُ هذا فلا يَصحُّ، وقَد ذَكَرتُه مُفصَّلًا في المُضارَبةِ، وإلَيكَ نَصُّه.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإنْ دفعَ ثَوبَه إلى خيَّاطٍ لِيُفَصِّلَه قُمصانًا يَبيعُها ولَه نِصفُ رِبحِها بحَقِّ عَملِه، جازَ، نَصَّ عليه في رِوايةِ حَرْبٍ.
وإنْ دفعَ غَزلًا إلى رَجُلٍ يَنسِجُه ثَوبًا بثُلُثِ ثَمنِه، أو رُبُعِه، جازَ، نَصَّ عليه، ولَم يُجِزْ مالِكٌ، وأبو حَنيفَةَ، والشافِعيُّ شَيئًا مِنْ ذلك؛ لأنَّه عِوَضٌ مَحمولٌ مَجهولٌ، وعَملٌ مَجهولٌ، وقَد ذَكَرْنا وَجْهَ جَوازِه، وإنْ جعلَ له مع ذلك دَراهِمَ مَعلومةً لَم يَجُزْ، نَصَّ عليه، وعَنه الجَوازُ، والصَّحيحُ الأولُ، وقالَ أبو بَكرٍ: هذا قَولٌ قَديمٌ، وما رُوِيَ غيرُ هَذا؛ فعليه المُعتَمَدُ، قالَ الأثرَمُ: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللَّهِ يَقولُ: لا بَأْسَ بالثَّوبِ يُدفَعُ بالثُّلُثِ والرُّبُعِ.
وَسُئِلَ عن الرجُلِ يُعطي الثَّوبَ بالثُّلُثِ ودِرهَمٍ ودِرهَمَيْنِ، قالَ: أكرَهُه؛ لأنَّ هذا شَيءٌ لا يُعرَفُ، والثُّلُثُ إذا لَم يكُنْ معه شَيءٌ نَراه جائِزًا؛ لِحَديثِ جابِرٍ أنَّ النَّبيَّ ﷺ أعطَى خَيبَرَ على الشَّطرِ. قيلَ لِأبي عَبدِ اللَّهِ: فإنْ كانَ النَّسَّاجُ لا يَرضَى حتى يُزادَ على الثُّلُثِ دِرهَمًا، قالَ فليَجعَلْ له ثُلُثًا، وعُشْرَيْ ثُلُثٍ، ونِصفَ عُشْرٍ، وما أشبَهَه، ورَوَى الأثرَمُ عن ابنِ سِيرِينَ، والنَّخَعيِّ، والزَّهريِّ، وأيُّوبَ، ويَعلَى بنِ حَكيمٍ؛ أنَّهم أجازُوا ذلك، وقالَ ابنُ المُنذِرِ: كَرِه هذا كلَّه الحَسَنُ، وقالَ أبو ثَورٍ وأصحابُ الرَّأيِ: هذا