للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلُّه فاسِدٌ، واختارَه ابنُ المُنذِرِ وابنُ عَقيلٍ، وقالوا: لَو دفعَ شَبَكةً إلى الصَّيَّادِ لِيَصيدَ بها السَّمَكَ بَينَهما نِصفَيْنِ فالصَّيدُ كلُّه لِلصَّيَّادِ، ولِصاحِبِ الشَّبَكةِ أجْرُ مِثلِها، وقِياسُ ما نُقِلَ عن أحمدَ صِحَّةُ الشَّرِكةِ وما رُزِقَ بَينَهما على ما شَرَطاه؛ لأنَّها عَينٌ تُنَمَّى بالعَملِ فيها؛ فصَحَّ دَفعُها ببَعضِ نَمائِها، كالأرضِ (١).

وَيَصحُّ حَصادُ زَرعٍ، ورَضاعُ قِنٍّ، واستِيفاءُ مالٍ، ونَحوُهُ؛ كَبِنَاءِ دارٍ، وطاحونٍ، ونَجْرِ بابٍ، وطَحْنِ نَحوِ بُرٍّ بجُزءٍ مَشاعٍ مِنه؛ لأنَّها عَينٌ تُنَمَّى بالعَملِ عليها؛ فصَحَّ العَقدُ عليها ببَعضِ نَمائِها؛ كالشَّجرِ في المُساقاةِ، والأرضِ في المُزارَعةِ، ولا يَصحُّ تَخريجُها على المُضارَبةِ بالعُروضِ؛ لأنَّها إنَّما تَكونُ بالتِّجارةِ والتَصرُّفِ في رَقَبةِ المالِ، وهذا بخِلافِه، ولا يُعارِضُه حَديثُ الدَّارَقُطنِيِّ أنَّه نَهَى عن عَسْبِ الفَحلِ وعَن قَفيزِ الطَّحَّانِ، لِحَملِه على قَفيزٍ مِنْ المَطحونِ؛ فلا يَدري البقيَّةَ بَعدَه؛ فتَكونُ المَنفَعةُ مَجهولةً، ويَكونُ المِقدارُ هُنا جُزءًا مَشاعًا، بخِلافِ ما لو قدَّرَ له قَفيزًا؛ فإنَّه لا يَدري البقيَّةَ بعدَ القَفيزِ كم هي، فتَكونُ المَنفَعةُ مَجهولةً.

وإنْ جعلَ له مع الجُزءِ المَشاعِ دِرهَمًا فأكثَرَ لَم يَصحَّ نَصًّا، ويَصحُّ بَيعًا ونَحوَهُ؛ كَإيجارٍ لِمَتاعٍ وغَزوٍ بدَابَّةٍ، وبِجُزءٍ مِنْ رِبحِه، أي: المَتاعِ، أو بجُزءٍ مِنْ سَهمِها، أي: الدَّابَّةِ، نَصَّ عليه فيمَن أعطَى فَرَسَه على النِّصفِ مِنْ الغَنيمةِ، بخِلافِ ما لَو قالَ: بِعْ عَبدي أو أجِّرْهُ، والثَّمنُ أو الأُجرةُ بَينَنا؛ فلا يَصحُّ، والثَّمنُ أو الأُجرةُ لربِّه، ولِلآخَرِ أُجرةُ مِثلِه (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٧، ٨).
(٢) «الفروع» (٤/ ٢٩٨)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٥٤)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦١٥، ٦١٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٨٩، ٥٩٠)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٥٤٣)، و «منار السبيل» (٢/ ١٩٧، ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>