للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجهولٌ؛ وأمَّا لأنَّه جعلَ الأجْرَ بَعضَ ما يَحدُثُ مِنْ عَملِه، فيَكونُ في مَعنَى قَفيزِ الطَّحَّانِ (١).

وقالَ ابنُ القيِّمِ : والحِيلةُ في جَوازِ قَفيزِ الطَّحَّانِ أنْ يُمَلِّكَه جُزءًا مِنْ الحَبِّ أوِ الزَّيتونِ، إمَّا أنْ يُمَلِّكَه رُبُعَه وإمَّا ثُلُثَه وإمَّا نِصفَه، فيَصيرَ شَريكَه فيه، ثم يَطحَنَه أو يَعصِرَه، فيَكونَ بَينَهما على حَسَبِ مِلْكَيْهِما فيهِ؛ فإنْ خافَ أنْ يُمَلِّكَه ذلك فلْيُملِّكْه عليه، ولا يُحدِثْ فيه عَملًا؛ فالحِيلةُ أنْ يَبيعَه إيَّاه بثَمنٍ في ذِمَّتِه؛ فيَصيرَ شَريكَه فيه، فإذا عَمِلَ فيه سَلَّمَ إليه حِصَّتَه، أو أبرَأَه مِنْ الثَّمنِ، فإنْ خافَ الأجيرُ أنْ يُطالِبَه بالثَّمنِ ويَتسلَّمَ الجَميعَ ولا يُعطيَه أُجرَتَه، فالحِيلةُ في أمْنِه مِنْ ذلك أنْ يُشهِدَ عليه أنَّ الأصْلَ مُشترَكٌ بَينَهما قبلَ العَملِ، فإذا أحدَثَ فيه العَملَ فهو على الشَّرِكةِ.

وَهَكَذا الحِيلةُ في جَميعِ هذا البابِ، وهي حيلةٌ جائِزةٌ؛ فإنَّها لا تَتضمَّنُ إسقاطَ حَقٍّ، ولا تَحريمَ حَلالٍ، ولا تَحليلَ حَرامٍ (٢).

وَذَهَبَ بَعضُ المالِكيَّةِ كابنِ رُشدٍ الحَفيدِ ، ونقلَه عن المَذهبِ وبَعضُ الحَنفيَّةِ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ، وهو اختيارُ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميَّةَ، إلى أنَّه يَجوزُ أنْ تُجعَلَ الأُجرةُ جُزءًا مِنْ المَعقودِ عليه إذا كانَتْ جُزءًا مَشاعًا مَعلومًا عندَ الحَنابِلةِ، وعليه المَذهَبُ، وضَعَّفَ ابنُ تَيميَّةَ وغَيرُه الحَديثَ الوارِدَ فيها.


(١) «المحيط البرهاني» (٨/ ٧٠، ٧٥)، و «الدر المختار» (٦/ ٥٧).
(٢) «إعلام الموقعين» (٤/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>