للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاسِدًا، وقَد فاتَ، فيُغرَّمُ قيمَتَه مَدبوغًا، والنِّصفُ الآخَرُ مِلْكٌ لربِّه، وهذا كلُّه إذا جعلَ له النِّصفَ بعدَ العَملِ، وأمَّا لَو جعلَ له النِّصفَ في الغَزلِ أو في الجِلدِ مِنْ وَقتِ العَقدِ؛ فإنْ شرطَ عليه أنْ يَدبُغَه أو يَنسِجَه مُجتَمِعًا فلا يَجوزُ أيضًا؛ لأنَّه حَجَرَ عليه ومَنَعَه مِنْ أخْذٍ ما جُعِلَ له إلَّا بعدَ الدَّبغِ أو النَّسجِ، فإنْ أفاتَها بالشُّروعِ في الدَّبغِ أو النَّسجِ فعلى الصَّانِعِ قيمةُ النِّصفِ يَومَ القَبضِ؛ لأنَّ البَيعَ فاسِدٌ، وقَد فاتَ، والنِّصفُ الآخَرُ لربِّه، وعليه أُجرةُ عَملِه فيه، وأمَّا إنْ جُعِلَ له النِّصفُ مِنْ وَقتِ العَقدِ يَفعَلُ به ما شاءَ، بلا حَجْرٍ عليه في دَبْغِه أو نَسْجِه فجائِزٌ، فالأقسامُ ثَلاثةٌ.

وأمَّا إنْ قالَ: لَكَ نِصفُ الغَزلِ على أنْ تَنسِجَ لي نِصفَه، فيَجوزُ (١).

وقالَ الشَّافعيَّةُ: ولا يَصحُّ إجارةُ دابَّةٍ شَهرًا مثلًا بنَحوِ العَلَفِ، كَرياضَتِها، لِلجَهالةِ، ولا يَصحُّ أيضًا استِئجارُ سَلَّاخٍ لِيَسلَخَ الشَّاةَ بالجِلدِ الذي عليها، ولا طَحَّانٍ على أنْ يَطحَنَ البُرَّ مثلًا ببَعضِ الدَّقيقِ مِنه، كَرُبُعِه، أو بالنُّخالةِ مِنه؛ لِلجَهلِ بثَخانةِ الجِلدِ، وبِقَدرِ الدَّقيقِ والنُّخالةِ، ولِعَدَمِ القُدرةِ على الأُجرةِ حالَّةً، فضابِطُ ما يُبطِلُ أنْ تُجعَلَ الأُجرةُ شَيئًا يَحصُلُ بعَملِ الأجيرِ (٢).


(١) «المدونة الكبرى» (١١/ ٤٠٩)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٣٣٩، ٣٤١)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٣٨٩، ٣٩٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٦٢، ٤٦٦)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٥، ٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٥٢، ٥٥٣)، و «حاشية الصاوي مع الشرح الصغير» (٨/ ٤٨٦، ٤٨٨)
(٢) «المهذب» (١/ ٣٩٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٦، ٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٨٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٢٤)، و «الديباج» (٢/ ٤٥٨)، و «حاشية قليوبي وعميرة على كنز الراغبين» (٣/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>