للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ القاسِمِ : لأنَّه لا يَدري كَيفَ تُخرَجُ، ولأنَّ مالِكًا قالَ: كلُّ ما يَجوزُ لَكَ أنْ تَبيعَه فلا بَأْسَ أنْ تَستَأجِرَ به، وما لا يَجوزُ لَكَ أنْ تَبيعَه، فلا يَجوزُ لَكَ أنْ تَستَأجِرَ به.

وَكذلك تَكونُ الإجارةُ فاسِدةً إذا قالَ لَه: انفُضْ زَيتُوني، فما سقطَ فلَكَ نِصفُه، أو رُبُعُه، وما أشبَهَ ذلك مِنْ الأجزاءِ، وعِلَّةُ الفَسادِ الغَرَرُ؛ لِلجَهلِ بقَدْرِ ما يَسقُطُ، فهو جَهلٌ في الكَمِّ. أمَّا لَو قالَ لَهُ: انفُضْ زَيتُوني كلَّه ولَكَ نِصفُه، مثلًا؛ فإنَّه جائِزٌ، وكذلك تَجوزُ الإجارةُ إذا قالَ لَهُ: القُطْ زَيتُوني وما لَقَطْتَ فلَك نِصفُه أو رُبُعُه؛ فإنَّه جائِزٌ.

وَكذلك تَجوزُ الإجارةُ إذا قالَ لَه: احصُدْ زَرْعي، وما حَصَدْتَ فلَكَ نِصفُه، فلَو قالَ لَه: احصُدْ زَرْعي وادرُسْه، ولَكَ نِصفُه، لَم يَجُزْ؛ لأنَّه استَأجَرَه بنِصفِ ما يَخرُجُ مِنْ الحَبِّ، فهو لا يَدْري كم يَخرُجُ، ولا كَيفَ يَخرُجُ، ولأنَّكَ لَو بِعتَه زَرعًا جُزافًا قد يَبِسَ على أنَّ عَلَيكَ حَصادَه ودَرْسَه لَم يَجُزْ؛ لأنَّه اشترَى حَبًّا جُزافًا لَم يُعايِنْ جُملَتَه، وكذلك لا تَجوزُ الإجارةُ إذا قالَ لَه: اعصِرْ زَيتُوني، وما عَصَرْتَ فلَكَ نِصفُه مثلًا، وعِلَّةُ الفَسادِ الجَهلُ بصِفةِ الخارِجِ؛ فهو جَهلٌ بالكَيفِ وبِالكَمِّ أيضًا.

فَإنْ أتَمَّ الأجيرُ عَملَه ذلك فلَه أجرُ مِثلِه، وليسَ له ما اتَّفقَ عليه، والثَّوبُ والجُلودُ لربِّها؛ ما لَم يَفُتْ بيدِ الصَّانِعِ، فإنْ فاتَ بيدِ الصَّانِعِ بعدَ الدَّبغِ أو النَّسجِ ببَيعٍ أو تَلَفٍ أو حَوالةِ سُوقٍ، لَزِمَ صاحِبَ الجِلدِ أو الغَزلِ أُجرةُ المِثلِ في دِباغِ جَميعِ الجِلدِ، ونَسجِ كلِّ الغَزلِ لِلصَّانِعِ، ويُغرَّمُ الصَّانِعُ لِصاحِبِ الثَّوبِ أو الجِلدِ قيمةُ النِّصفِ الذي جُعِلَ لَه؛ لِوُقوعِ البَيعِ فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>