للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجيزونَ حَمْلَ الطَّعامِ ببَعضِ المَحمولِ، ونَسجَ الثَّوبِ ببَعضِ المَنسوجِ؛ لِتَعامُلِ أهلِ بِلادِهم بذلك، وقالوا: مَنْ لَم يُجَوِّزْه إنَّما لَم يُجَوِّزْه بالقياسِ على قَفيزِ الطَّحَّانِ، والقياسُ يُترَكُ بالتَّعارُفِ، ولَئِنْ قُلْنا: إنَّ النَّصَّ يَتناوَلُه دِلالةً؛ فالنَّصُّ يَختَصُّ بالتَّعامُلِ، ألَا تَرى أنَّ الِاستِصناعَ تُرِكَ القياسُ فيه، وخُصَّ عن القَواعِدِ الشَّرعيةِ بالتَّعامُلِ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: لا يَجوزُ لِلشَّخصِ أنْ يَستَأجِرَ شَخصًا على سَلْخِ شاةٍ مثلًا بجِلدِها، وهي إجارةٌ فاسِدةٌ، ولا فَرقَ بينَ كَونِ الشَّاةِ مَذبوحةً أو حَيَّةً؛ لأنَّه لا يُستحَقُّ الجِلدُ إلَّا بعدَ تَمامِ سَلْخِه، وقَد يَنقَطِعُ قبلَ الفَراغِ، وقَد يُسَلَّمُ، ومِثلُ الجِلدِ اللَّحمُ، بَلْ هو أوْلَى مِنْ الجِلدِ.

وَكذلك تَكونُ الإجارةُ فاسِدةً إذا استَأجَرَه على طَحنِ الحِنطةِ بنُخالَتِها؛ لِلجَهلِ بقَدْرِها وبِصِفَتِها؛ فأشبَهَتِ الجُزافَ غيرَ المَرئيِّ، أمَّا لَوِ استَأجَرَه بكَيلٍ مَعلومٍ مِنْ النُّخالةِ بأنْ يَقولَ لِلطَّحَّانِ اطْحَنْه ولَكَ صاعٌ مِنْ النُّخالةِ، لَجازَ، كَما لَوِ استَأجَرَه بجِلدٍ مَسلوخٍ مَعلومٍ، على أنْ يَسلَخَ له شاةً.

وَكَذا لَو استَأجَرَه على نَسجِ ثَوبٍ بأنْ قالَ: انسِجْه ولَكَ نِصفُه، إذا فرَغتَ؛ فإجارةٌ فاسِدةٌ.

قالَ مالِكٌ في «المُدوَّنةِ»: وإنْ آجَرتَه على دَبْغِ جُلودٍ أو عَملِها، أو نَسجِ ثَوبٍ على أنَّه له نَصفُها إذا فَرَغَ، لَم يَجُزْ.


(١) «المحيط البرهاني» (٨/ ٧٠، ٧٥)، و «المبسوط» (١٦/ ٣٥)، و «بدائع الصنائع» (٤/ ١٩٢)، و «الاختيار» (٣/ ٧٢)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٢٩، ١٣٠)، و «العناية شرح الهداية» (١٢/ ٤٠٩، ٤١٢)، و «البحر الرائق» (٨/ ٣٦، ٣٧)، و «الدر المختار» (٦/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>