للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عادةَ، ولَم تَكُنِ المَنافِعُ مَضمونةً فلا يَجِبُ تَعجيلُ شَيءٍ مِنْ الأُجرةِ إلَّا بالتَّمكُّنِ مِنْ استيفاءِ ما يُقابِلُه مِنْ المَنفَعةِ، فكلَّما استَوفَى مَنفَعةَ يَومٍ استَحقَّ أُجرَتَه.

والمُرادُ باليَومِ القِطعةُ المُعيَّنةُ مِنْ الزَمنِ، لا حَقيقةُ اليَومِ، وهذا عندَ المُشاحَنةِ، وأمَّا إنْ تَراضَيَا على شَيءٍ، يُعمَلُ به، يَجوزُ تَعجيلُ الجَميعِ وتَأخيرُه؛ فإنِ اشتُرِطَ التَّعجيلُ أو جَرَى به عُرفٌ عُجِّلَ، كَما مَرَّ.

وَهَذا في غيرِ الصَّانِعِ والأجيرِ، بَلْ في كِراءِ العَقارِ والرَّواحِلِ والآدَميِّ لِلخِدمةِ، أمَّا الصَّانِعُ والأجيرُ فليسَ لَهُما أُجرةٌ إلَّا بعدَ التَّمامِ.

جاءَ في «المُدوَّنةُ»: إذا أرادَ الصُّنَّاعُ والأُجَراءُ تَعجيلَ الأجْرِ قبلَ الفَراغِ، وامتَنَعَ ربُّ الشَّيءِ، حُمِلوا على المُتعارَفِ بينَ النَّاسِ؛ فإنْ لَم يكُنْ لَهم سُنَّةٌ لَم يُقضَ لَهم بشَيءٍ إلَّا بعدَ الفَراغِ، وأمَّا في الكِراءِ في دارٍ أو راحِلةٍ أو في إجارةِ بَيعِ السِّلَعِ ونَحوِها، فبِقَدْرِ ما مَضَى، وليسَ لِخيَّاطٍ خاطَ نِصفَ القَميصِ أخْذُ نِصفِ أُجرَتِه إذا لَم يَأخُذْه على ذلك، بَلْ حتى يُتِمَّه. انتَهَى.

والفَرقُ بينَ الأجيرِ والصَّانِعِ أنَّ بائِعَ مَنفَعةِ يَدِه إنْ كانَ لا يَحوزُ ما فيه عَملُه؛ كالبَنَّاءِ والنَّجَّارِ، فهو أجيرٌ، وإنْ كانَ يَحوزُه فإنْ كانَ لَم يُخرِجْ فيه شَيئًا مِنْ عِندِهِ؛ كالخيَّاطِ والحَدَّادِ والصَّائِغِ فصانِعٌ، وإنْ كانَ يُخرِجُ فيه شَيئًا مِنْ عِندِه كالصَّباغِ فبائِعٌ صانِعٌ.

قالَ القاضي عَبدُ الوَهَّابِ : الأُجرةُ لا يُستحَقُّ تَسليمُها بمُجرَّدِ العَقدِ، ولا بتَسليمِ العَينِ المُستَأجَرةِ، وإنَّما تُستحَقُّ الأُجرةُ أوَّلًا بأوَّلٍ لكلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>