للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذا إذا وقعَ العَقدُ مُطلَقًا عن شَرطِ تَعجيلِ الأُجرةِ، فأمَّا إذا شُرِطَ في تَعجيلِها مُلِّكَتْ بالشَّرطِ، وَوجبَ تَعجيلُها إجماعًا، كَما تَقدَّمَ.

فالحاصِلُ أنَّ الأُجرةَ لا تُملَكُ إلَّا بأحَدِ مَعانٍ ثَلاثةٍ:

أحَدُها: شَرطُ التَّعجيلِ في العَقدِ نَفسِه، كَما تَقدَّمَ.

والثَّاني: التَّعجيلُ مِنْ غيرِ شَرط؛ لأنَّه لَمَّا عَجَّلَ الأُجرةَ غيرَ مُقتَضَى مُطلَقِ العَقدِ، ولَه هذه الوِلايةُ؛ لأنَّ التَّأخيرَ ثبَتَ حَقًّا لَه؛ فيَملِكُ إبطالَه بالتَّعجيلِ، كَما لَو كانَ عليه دَيْنٌ مُؤجَّلٌ فعَجَّلَه، ولأنَّ العَقدَ سَبَبُ استِحقاقِ الأُجرةِ، فالِاستِحقاقُ -وإنْ لَم يَثبُتْ- انعَقدَ سَبَبُه، وتَعجيلُ الحُكمِ قبلَ الوُجوبِ بعدَ وُجودِ سَبَبِ الوُجوبِ جائِزٌ؛ كَتَعجيلِ الكَفَّارةِ بعدَ الجُرحِ قبلَ المَوتِ.

والثَّالث: استِيفاءُ المَعقودِ عليه؛ لأنَّه يَملِكُ المُعوَّضَ، فيَملِكُ المُؤاجِرُ العِوَضَ في مُقابَلَتِه؛ تَحقيقًا لِلمُعاوَضةِ المُطلَقةِ، وتَسويةً بينَ العاقِدَيْنِ في حُكمِ العَقدِ المُطلَقِ، وعَلَى هذا الأصلِ تُبنَى الإجارةُ المُضافةُ إلى زَمانٍ في المُستَقبَلِ، بأنْ قالَ: أجَّرتُكَ هذه الدَّارَ غَدًا أو رَأسَ شَهرِ كَذا، أو قالَ: أجَّرتُكَ هذه الدَّارَ سَنةً أوَّلُها غُرَّةُ شَهرِ رَمَضانَ أنَّها جائِزةٌ؛ لأنَّ العَقدَ يَنعَقِدُ شَيئًا فشَيئًا على حَسَبِ حُدوثِ المَعقودِ عليه شَيئًا فشَيئًا، وهو المَنفَعةُ؛ فكانَ العَقدُ مُضافًا إلى حينِ وُجودِ المَنفَعةِ مِنْ طَريقِ الدِّلالةِ، فالتَّنصيصُ على الإضافةِ يَكونُ مُقَرِّرًا مُقتَضَى العَقدِ، إلَّا أنَّا جَوَّزْنا الإضافةَ في الإجارةِ دونَ البَيعِ؛ لِلضَّرورةِ؛ لأنَّ المَنفَعةَ حالَ وُجودِها لا يُمكِنُ إنشاءُ العَقدِ عليها، فدَعَتِ الضَّرورةُ إلى الإضافةِ، ولا ضَرورةَ في بَيعِ العَينِ؛ لِإمكانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>