للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جَوَّزتِ الشَّريعةُ عَقدَ النِّكاحِ بتَعليمِ القُرآنِ، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ امْرَأَةً عَرضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ … فَذكرَ الحَدِيثَ، وَالرجُلَ الذي خَطَبَهَا، فقالَ له رَسُولُ اللَّهِ : «وقد زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ القُرْآنِ» (١). وهو مُقابَلةُ مَنفَعةِ التَّعليمِ بمَنفَعةِ البُضعِ، والتَّقديرُ زَوَّجتُكَها بتَعليمِ ما مَعَكَ مِنْ القُرآنِ، أو بتَلقينِ ما مَعَكَ مِنْ القُرآنِ.

وَلأنَّهما مَنفعَتانِ يَجوزُ عَقدُ الإجارةِ على كلِّ واحِدٍ مِنهما في الِانفِرادِ، فجازَ أنْ يَعقِدَ على إحداهُما بالأُخرَى، كَما لَو كانا مِنْ جِنسَيْنِ.

وَلأنَّ عُقودَ المُعاوَضاتِ ضَربانِ: أعيانٌ، ومَنافِعُ، فإذا كانَتِ الأعيانُ يَجوزُ بَيعُ إحداهَا بأُخرَى مِنْ جِنسٍ وجِنسَيْنِ، فكذلك المَنافِعُ.

وَلأنَّ المَنافِعَ في الإجارةِ كالأعيانِ في البَيعِ، ثم الأعيانُ يَجوزُ بَيعُ بَعضِها ببَعضٍ، فكذلك المَنافِعُ.

وَلأنَّ كلَّ ما جازَ أنْ يَكونَ ثَمنًا في البَيعِ جازَ عِوَضًا في الإجارةِ فكَما جازَ أنْ يَكونَ العِوَضُ عَينًا جازَ أنْ يَكونَ مَنفَعةً سَواءٌ كانَ الجِنسُ واحِدًا أو مُختَلِفًا.

وَلا رِبًا في المَنافِعِ أصْلًا، حتى لَو أجَّرَ دارًا بمَنفَعةِ دارَيْنِ، أو أجَّرَ ذَهَبًا بذَهَبٍ، جازَ، ولا يُشترَطُ القَبضُ في المَجلِسِ، كَما نَصَّ على ذلك الشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ.

وقالَ الحَنابِلةُ: وتَصحُّ إجارةُ حُلِيٍّ بأُجرةٍ مِنْ غيرِ جِنسِه، وكَذا بأُجرةٍ


(١) رواه البخاري (٥١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>