للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِزُّ الدِّينِ: إنَّه الأصَحُّ، وحَكاه الرُّويانيُّ في «الحِليةُ» عن الأكثَرِينَ، وقالَ: إنَّه الِاختيارُ، وقالَ في البَحر: وبِه أُفتي، وأفتَى به خَلائِقُ مِنْ المُتأخِّرينَ.

وَإذا قُلْنا: لا أُجرةَ له على الأصَحِّ، فمَحَلُّه -كَما قالَ الأذرَعيُّ-: إذا كانَ حُرًّا مُطلَقَ التَصرُّفِ، أمَّا لَو كانَ عَبدًا أو مَحجورًا عليه بسَفَهٍ ونَحوِهِ، فلا؛ إذْ لَيسوا مِنْ أهلِ التَّبرُّعِ بمَنافِعِهمُ المُقابَلةِ بالأعواضِ.

واحتَرزَ بقَولِه: ولَم يَذكُرْ أُجرةً عَما إذا قالَ: مَجَّانًا؛ فلا يَستَحقُّ شَيئًا قَطعًا، وما لَو ذكرَ أُجرةً، يَستَحقُّها جَزْمًا، وإنْ كانَتْ صَحيحةً فالمُسمَّى، وإلَّا فأُجرةُ المِثلِ.

وَلَو عَرضَ بذِكرِ أُجرةٍ ك: اعمَلْ وأنا أُرضيكَ، أو: اعمَلْ وما تَرى مِنِّي إلَّا ما يَسُرُّكَ، أو نَحوِ ذلك؛ كَقَولِكَ: حتى أُحاسِبَكَ، استَحقَّ أُجرةَ المِثلِ، كَما في البَيانِ وغَيرِه.

وَيُستَثنَى مِنْ الخِلافِ المَذكورِ مَسائِلُ:

الأُولى: عامِلُ المُساقاةِ إذا عَمِلَ ما لَيسَ مِنْ أعمالِها بإذْنِ المالِكِ؛ فإنَّه يَستَحقُّ الأُجرةَ.

ثانيتُها: عامِلُ الزَّكاةِ؛ فإنَّه يَستَحقُّ العِوَضَ، ولَو لَم يُسَمَّ، قالَ الزَّركَشيُّ: ولا تُستَثنَى؛ لأنَّ الأُجرةَ ثابِتةٌ له بنَصِّ القُرآنِ؛ فهي مُسمَّاةٌ شَرعًا، وإنْ لَم يُسَمِّها الإمامُ.

ثالِثَتُها: عامِلُ القِسمةِ بأمرِ الحاكِمِ فلِلقاسِمِ الأُجرةُ مِنْ غيرِ تَسميةِ كَذا، استَثناها بَعضُهم، ونازَعَ في التَّوشيحِ في استِثنائِها، وقالَ: إنَّه كَغَيرِه، وهو الظَّاهِرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>