للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا في داخِلِ الحَمَّامِ بلا إذْنٍ مِنْ الحَمَّاميِّ، فإنَّه يَلزَمُه الأُجرةُ، وإنْ لَم يَجْرِ لَها ذِكْرٌ.

والفَرقُ بَينَه وبَينَ القَصَّارِ ونَحوِه أنَّ هَؤُلاءِ صَرَفوا مَنافِعَهم لِغَيرِهم، وأنَّ الدَّاخِلَ لِلحَمَّامِ استَوفَى مَنفَعةَ الحَمَّامِ بسُكونِهِ، فإنْ أذِنَ له في الدُّخولِ فالحَمَّامُ فيهِ كالأجيرِ، كَما قالوا به فيمَن دخلَ سَفينةً بإذْنِ صاحِبِها، حتى أتَى السَّاحِلَ، ولَم يَجْرِ ذِكْرُ الأُجرةِ؛ فإنَّه كالأجيرِ فيما ذُكِرَ على الأوْجُهِ السَّابِقةِ، أصَحُّها: لا أُجرةَ لَه، فإنْ دخلَها بغَيرِ إذْنٍ استَحقَّ عليه الأُجرةَ.

قالَ في المَطلَب: ولَعَلَّه فيما إذا لَم يَعلَمْ به مالِكُها حتى سَيَّرَها، وإلَّا فيُشبِهُ أنْ يَكونَ كَما لَو وَضَعَ مَتاعَه على دَابَّةِ غَيرِه، فسَيَّرَها مالِكُها؛ فإنَّه لا أُجرةَ على مالِكِه، ولا ضَمانَ (١).

وقالَ العِمرانيُّ في «البَيان»: إذا دفعَ إلى رَجُلٍ ثَوبًا لِيَخيطَه لَه، أو مَتاعًا لِيَحمِلَه له إلى مَكانٍ، فإنْ سَمَّى له أُجرةً صَحيحةً … استَحقَّ المُسمَّى، ولا كَلامَ، وإنْ سَمَّى له أُجرةً فاسِدةً، أو عَرضَ له بالأُجرةِ، بأنْ قالَ: اعمَلْ وأنا أُحاسِبُكَ على أُجرَتِكَ، أو لا تَرى مِنِّي إلَّا ما يَسُرُّكَ، استَحقَّ أُجرةَ المِثلِ؛ لأنَّه قد عَرضَ له بالأُجرةِ، وهي مَجهولةٌ، فاستَحقَّ أُجرةَ المِثلِ، كَما لَو سَمَّى له عِوَضًا فاسِدًا.


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٤١١، ٤١٢)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٥٧)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٥٥، ٣٥٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٧٧، ٣٧٨)، و «الديباج» (٢/ ٤٨٢)، و «كنز الراغبين» (٣/ ١٩٨)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>