جَميعُ الواجِباتِ عليه أنْ يُؤدِّيَها إلى مَنْ أدَّى عنه وأحسَنَ إليه بالأداءِ عَنهُ (١).
وقالَ الشافِعيَّةُ: ولَو عَمِلَ لِغَيرِه عَملًا بإذْنِه، كَأنْ دفعَ ثَوبًا إلى قَصَّارٍ لِيُقصِّرَه، أو إلى خيَّاطٍ لِيَخِيطَه، أو إلى غسَّالٍ لِيَغسِلَه، أو جَلَسَ بينَ يَدَيْ حَلَّاقٍ لِيَحلِقَ رَأْسَه، أو دَلَّاكٍ لِيَدْلُكَه، ففعلَ ذلك ولَم يَذْكُرْ أحَدُهما أُجرةً، ولا ما يُفهِمُها بحَضرةِ الآخَرِ، فيَسمَعَه ويُجيبَ أو يَسكُتَ، ففيه أربَعةُ أوْجُهٍ:
أصَحُّها -وهو المَنصوصُ عليه-: لا أُجرةَ لَه؛ لأنَّه مُتبرِّعٌ؛ لأنَّه لَم يَلتَزِمْ له عِوَضًا؛ فصارَ كَقَولِهِ: أطعِمْني، فأطعَمه، ولأنَّه لَو قالَ: أسْكِنِّي دارَكَ شَهرًا، فأسكَنَه، لَم يَستَحقَّ عليه أُجرةً بالإجماعِ.
والثَّاني: له أُجرةُ مِثلِه، وهو قولُ المُزَنيِّ لِاستِهلاكِه مَنفعَتَه.
والثَّالث: إنْ بَدَأ المَعمولُ له فقالَ: افعَلْ كَذا، لَزِمَه الأجرَةُ، وإنْ بَدَأ العامِلُ فقالَ: أعطِني ثَوبَكَ لِأُقَصِّرَه؛ فلا أُجرةَ.
والرَّابِعُ: إنْ كانَ العامِلُ مَعروفًا بذلك العَملِ، وأخَذَ الأُجرةَ عليه، فلَه الأُجرةُ المُعتادةُ لِمِثلِ ذلك العَملِ، وقالَ الشَّيخُ عِزُّ الدِّينِ: تَجِبُ له الأُجرةُ التي جَرَتْ بها العادةُ، وإنْ زادَتْ على أُجرةِ المِثلِ.
وإنْ لَم يكُنْ مَعروفًا بذلك العَملِ فلا أُجرةَ لَه.
وقد يُستَحسَنُ تَرجيحُ هذا الوَجهِ لِوُضوحِ مُدرَكِه، ولِدِلالةِ العُرفِ على ذلك، وقيامِه مَقامَ اللَّفظِ، كَما في نَظائِرِه، فيَكونُ فيه أُجرةُ المِثلِ، قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ: وعَلَى هذا عَملُ النَّاسِ، وقالَ الغَزاليُّ: إنَّه الأظهَرُ، وقالَ الشَّيخُ