للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له لا بدَّ له مِنْ عَملِ ذلك بالِاستِئجارِ، أو إنفاقِ ذلك المالِ؛ أمَّا إنْ كانَ شَأنُه فِعلَه إيَّاه بغَيرِ استِئجارٍ لِنَفْسِه، أو لِغُلامِه، وتَحصُلُ تلك المَصلَحةُ بغَيرِ مالٍ، فلا غُرمَ عليه، والقولُ قولُ العامِلِ في عَدَمِ التَّبرُّعِ.

قالَ القَرافيُّ : وهذه قاعِدةُ مَذهبِ مالِكٍ، نَصَّ عليها ابنُ أبي زَيدٍ في «النَّوادِرِ»، وصاحِبُ «الجَواهرِ»، في كِتابِ الإجاراتِ، ولا تَختَصُّ هذه القاعِدةُ بما يَجِبُ على المَدفوعِ عَنهُ؛ كالدَّيْنِ، بَلْ يَندَرِجُ فيها غَسلُ الثَّوبِ وخِياطَتُه ورَمْيُ التُّرابِ مِنْ الدَّارِ، ونَحوُ ذلك، على الشُّروطِ المُتقدِّمةِ، ويُجعَلُ مالِكُ لِسانِ الحالِ قائِمًا مَقامَ لِسانِ المَقالِ، فكَأنَّه أذِنَ له في ذلك بلِسانِ مَقالِه، وخالَفَنَا الشافِعيُّ في هذه القاعِدةِ وجعلَ الأصْلَ في فِعلِ الآخرينَ التَّبرُّعَ.

وَإذا لَم يَأذَنْ له المَدفوعُ عنه بلِسانِ المَقالِ، لا يَرجِعُ عليه بشَيءٍ (١).

وقالَ في «الذَّخيرة»: قاعِدةٌ مَذهَبيَّةٌ: مَنْ أدَّى عن غَيرِه مالًا شَأنُه أنْ يُعطيَه، أو عَمِلَ لِغَيرِه عَملًا شَأنُه أنْ يُستَأجَرَ عليه، رَجعَ بذلك المالِ وبِأُجرةِ ذلك العَملِ، كانَ دَفْعُ ذلك المالِ واجِبًا عليه؛ كالدَّيْنِ، أو غيرَ واجِبٍ؛ كَخِياطةِ الثَّوبِ، وحَلْقِ الرَّأْسِ، نقلَها صاحِبُ «النَّوادرُ»، وصاحِبُ «الجَواهرِ» في الإجارةِ؛ تَنزيلًا لِلِسانِ الحالِ مَنزِلةَ لِسانِ المَقالِ؛ فإذا كانَ شَأنُكَ مُباشَرةَ ذلك العَملِ بنَفْسِكَ أو بنائِبِكَ، وتَستَأجِرُ عليه، لَم يَرجِعْ عَلَيكَ بأُجرةٍ؛ لأنَّ حالَكَ لَم يَقتَضِ إذْنًا في دَفعِ أُجرةٍ في


(١) «الفروق» (٣/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>