للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: وتَنعقِدُ الإجارةُ بلَفظِ إجارةٍ، وبِلَفظِ كِراءٍ، كَأجَّرتُكَ واكتَريْتُكَ واستَأجَرتُكَ، واكتُريتَ؛ لأنَّ هَذَيْنِ اللَّفظَيْنِ مَوضوعانِ لَها.

وَتَنعقِدُ بما يَدلُّ على مَعناهُما، كَأعطَيتُكَ نَفْعَ هذه الدَّارِ، أو مَلَّكتُكَه سَنةً بكَذا؛ لِحُصولِ المَقصودِ به.

وكَذا لَو أضافَه إلى العَيْنِ، كَأعطَيتُكَ هذه الدَّارَ سَنةً بكَذا.

وَهَل تَنعقِدُ بلَفظِ البَيعِ؟ فيه وَجهانِ:

أحَدُهما -وهو الصَّحيحُ-: تَنعقِدُ أيضًا بلَفظِ بَيعٍ أضافَهُ إلى النَّفعِ، نَحوَ قَولِ: بِعتُكَ نَفْعَ داري، أو بِعتُكَ سُكنَى داري بكَذا، ونَحوِ ذلك، أو أطلَقَ؛ لأنَّه بَيعٌ؛ فانعَقدَتْ بلَفظِهِ؛ كالصَّرفِ، والمَنافِعِ، كالأعيانِ؛ لأنَّها يَصحُّ الِاعتياضُ عَنها، وتُضمَنُ باليَدِ والإتلافِ.

فَإنْ أُضيفَ إلى العَينِ، كبِعتُكَ داري شَهرًا، لَم يَصحَّ.

والثَّاني: لا تَنعقِدُ به؛ لأنَّ فيها مَعنًى خاصًّا؛ فافتَقرَتْ إلى لَفظٍ يَدلُّ على ذلك المَعنَى، ولأنَّ الإجارةَ تُضافُ إلى العَينِ التي يُضافُ إلَيها البَيعُ إضافةً واحِدةً، فاحتِيجَ إلى لَفظٍ يُعَرِّفُ ويُفرِّقُ بَينَهما؛ كالعُقودِ المُتبايِنةِ، ولأنَّه عَقدٌ يُخالِفُ البَيعَ في الحُكمِ والِاسمِ، فأشبَهَ النِّكاحَ.

وَتَصحُّ الإجارةُ وتَنعقِدُ بمُعاطاةٍ؛ لأنَّها نَوعٌ مِنْ البَيعِ، وهو مُتجَهٌ (١).


(١) «المغني» (٥/ ٢٥١)، و «المبدع» (٥/ ٦٣)، و «الفروع» (٤/ ٣١٧)، و «الإنصاف» (٦/ ٤، ٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٤٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٧)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>