للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخَصَّ تُرابَها بكَونِه طَهورًا، ولأنَّ الطَّهارةَ اختُصَّت بأعَمِّ المائِعاتِ وُجودًا، وهو الماءُ، فتَختَصُّ بأعَمِّ الجَماداتِ وُجودًا، وهو التُّرابُ.

فإنْ كانَ جَريشًا أو نَديًّا لا يَرتفعُ له غُبارٌ لم يَكفِ؛ لأنَّ الصَّعيدَ الطَّيبَ هو التُّرابُ المُنبِتُ، وأضافَ الشافِعيةُ إلى التُّرابِ الرَّملَ الذي فيه غُبارٌ، وعن أبي يُوسفَ وأحمدَ رِوايتانِ بالجَوازِ وعَدمِه.

ولا يَجوزُ عندَهم بتُرابٍ مُختلِطٍ بدَقيقٍ ونَحوِه، كزَعفرانٍ وجَصٍّ؛ لمَنعِه وُصولَ التُّرابِ إلى العُضوِ، وهذا فيما يَعلَقُ باليَدِ، وأمَّا ما لا يَعلَقُ باليَدِ فلا يَمنعُ عندَ الحَنابِلةِ؛ فإنَّ الإمامَ أحمدَ نَصَّ على أنَّه يَجوزُ التَّيممُ من الشَّعيرِ، وذلك لأنَّه لا يَحصلُ على اليَدِ منه ما يَحولُ بينَ الغُبارِ وبينَها، ولا يَجوزُ عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ وأبي يُوسُفَ التَّيممُ بطِينٍ رَطبٍ؛ لأنَّه ليسَ بتُرابٍ ولا بتُرابٍ نَجسٍ كالوُضوءِ، وهذا باتِّفاقِ العُلماءِ لقَولِه تَعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : اتَّفَقوا على جَوازِها بتُرابِ الحَرثِ الطَّيبِ، واختَلَفوا في جَواز فِعلِها بما عَدا التُّرابِ من أجزاءِ الأرضِ المُتولِّدةِ عنها كالحِجارةِ؟


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ١٩٦، ١٩٧)، و «رد المحتار» (١/ ٤٠٥، ٤٠٧)، و «حاشية الطحطاوي» ص (٦٤)، و «مغني المحتاج» (١/ ٩٦)، و «البجيرمي على الخطيب» (١/ ٢٥٢)، و «الجمل» (١/ ٢٠٢، ٢٠٤)، و «كفاية الأخيار» ص (٩٧، ٩٨)، و «المغني» (١/ ٣١٨، ٣٢٣)، و «كشاف القناع» (١/ ١٦٥)، و «شرح صحيح مسلم» (٤/ ٥٣)، و «الإفصاح» (١/ ٨٨، ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>