للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الشافِعيُّ إلى أنَّه لا يَجوزُ التَّيممُ إلا بالتُّرابِ الخالِصِ.

وذهَبَ مالِكٌ وأَصحابُه إلى أنَّه يَجوزُ التَّيممُ بكلِّ ما صعِدَ على وَجهِ الأرضِ من أجزائِها في المَشهورِ عنه، كالحَصى والرَّملِ والتُّرابِ، وزادَ أبو حَنيفةَ فقالَ: وبكلِّ ما يَتولَّدُ من الأرضِ من الحِجارةِ، مِثلَ النَّورةِ والزَّرنيخِ والجَصِّ والطِّينِ والرُّخامِ.

ومنهم من شرَطَ أنْ يَكونَ التُّرابُ على وَجهِ الأرضِ، وهُم الجُمهورُ.

وقالَ أحمدُ بنُ حَنبلٍ: يَتيمَّمُ بغُبارِ الثَّوبِ واللُّبدِ.

والسَّببُ في اختِلافِهم شَيئان:

أحدُهما: اشتِراكُ اسمِ الصَّعيدِ في لِسانِ العَربِ؛ فإنَّه مَرةً يُطلقُ على التُّرابِ الخالِصِ ومَرةً يُطلقُ على جَميعِ أجزاءِ الأرضِ الظاهِرةِ حتى إنَّ مالِكًا وأَصحابَه حمَلَهم دِلالةُ اشتِقاقِ هذا الاسمِ -أعني الصَّعيدَ- على أنْ يُجيزوا في إحدَى الرِّواياتِ عنهم التَّيممَ على الحَشيشِ وعلى الثَّلجِ، قالوا: لأنَّه يُسمَّى صَعيدًا في أصلِ التَّسميةِ، أعني من جِهةِ صُعودِه على الأرضِ، وهذا ضَعيفٌ.

والسَّببُ الثاني: إِطلاقُ اسمِ الأرضِ في جَوازِ التَّيممِ بها في بعضِ رِواياتِ الحَديثِ المَشهورِ وتَقييدُها بالتُّرابِ في بَعضِها، وهو قَولُه : «جُعلَت لي الأرضُ مَسجدًا وطَهورًا»؛ فإنَّ في بعضِ رِواياتِه: «جُعلَت لي الأرضُ مَسجدًا وجُعلَت لي تُربتُها طَهورًا».

وقد اختَلفَ أهلُ الكَلامِ الفِقهيِّ هل يُقضَى بالمُطلقِ على المُقيدِ أو بالمُقيدِ على المُطلقِ، والمَشهورُ عندَهم أنْ يُقضَى بالمُقيَّدِ على المُطلقِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>