للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممَّا يُحتاجُ إليه لِخُلوصِ الحَبِّ وتَنقيتِه؛ كالحَصادِ والدِّياسِ وأشباهِهِ، يَكونُ بَينَهما على شَرطِ الخارِجِ؛ لأنَّه لَيسَ مِنْ عَملِ المُزارَعةِ.

وَكلُّ عَملٍ يَكونُ بعدَ القِسمةِ مِنْ الحَملِ إلى البَيتِ ونَحوِه ممَّا يُحتاجُ إليه لِإحرازِ المَقسومِ فعلى كلِّ واحِدٍ مِنهما في نَصيبِه؛ لأنَّ ذلك مُؤنةُ مِلْكِه، فيَلزَمُه دونَ غَيرِه.

وَذَهَبَ الحَنابِلةُ وأبو يُوسفَ إلى أنَّه يَصحُّ شَرطُ الحَصادِ ورَفْعِ البَيْدَرِ والدِّياسِ والتَّذريةِ على المُزارَعِ لِتَعامُلِ النَّاسِ، ولأنَّه لا يُخِلُّ بمَصلَحةِ العَقدِ.

وَبِه يُفتِي عُلماءُ ما وَراءَ النَّهرِ مِنْ الحَنفيَّةِ، وهو اختيارُ نُصَيرِ بنِ يَحيَى ومُحمَّدِ بنِ سَلَمةَ مِنْ مَشايِخِ خُراسانَ.

وقالَ السَّرخَسِيُّ : وهو الأصَحُّ في دِيارِنا.

قالَ ابنُ عابِدينَ : وعَنِ الشَّيخِ الإمامِ أبي بَكرٍ مُحمَّدِ بنِ الفَضلِ أنَّه كانَ إذا استُفتِيَ عن هذه المَسألةِ يَقولُ: فيه عُرفٌ ظاهِرٌ، ومَن أرادَ ألَّا يَتعَطَّلَ فليَعمَلْ بالعُرفِ، ولا يَمنَعْ عنه، ثم في المَوضِعِ الذي يَكونُ الحَصادُ فيه على العامِلِ عُرفًا لَو أخَّرَه وتَغافَلَ عن الحَصادِ حتى هَلَكَ، قالَ أبو بَكرٍ البَلْخِيُّ: يَضمَنُ ذلك، وقالَ الفَقيهُ أبو اللَّيثِ: إذا أخَّرَ تَأخيرًا فاحِشًا لا يُؤَخِّرُ النَّاسُ إلى مِثلِه كانَ ضامِنًا، وإلَّا فلا، هذا إذا شرطَا هذه الأعمالَ على العامِلِ، وإنْ شُرِطَ شَيءٌ مِنْ ذلك على صاحِبِ الأرضِ فَسَدَ العَقدُ عندَ الكلِّ (١).


(١) «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٦/ ٢٢٥، ٢٢٦)، و «ابن عابدين» (٦/ ٢٨٢)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٨٠، ١٨١)، و «البحر الرائق» (٨/ ١٨٦)، و «الاختيار» (٣/ ٩٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٥٨، ٢٥٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٩٧)، و «الهندية» (٥/ ٢٧٧)، و «المغني» (٥/ ٢٣٢)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٥٩١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٣٤، ٦٤٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٨٥)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>