للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالَ الإمامُ النَّوَويُّ : وقالَ ابنُ سُرَيجٍ: تَجوزُ المُزارَعةُ.

قُلتُ -أي: النَّوَويُ-: قد قالَ بجَوازِ المُزارَعةِ والمُخابَرةِ مِنْ كِبارِ أصحابِنا أيضًا ابنُ خُزَيمةَ، وابنُ المُنذِرِ، والخطَّابيُّ، وصَنَّفَ فيها ابن خُزَيمةَ جُزءًا، وبيَّنَ فيه عِلَلَ الأحاديثِ الوارِدةِ بالنَّهيِ عَنها، وجَمَعَ بينَ أحاديثِ البابِ، ثم تابَعَه الخطَّابيُّ وقالَ: قد ضَعَّفَ أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ حَديثَ النَّهيِ، وقالَ: هو مُضطَرِبٌ كَثيرُ الألوانِ.

قالَ الخطَّابيُّ : وأبطَلَها مالِكٌ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ تَعالى؛ لأنَّهم لَم يَقِفوا على عِلَّتِه، قالَ: والمُزارَعةُ جائِزةٌ، وهي مِنْ عَملِ المُسلِمينَ في جَميعِ الأمصارِ، لا يُبطِلُ العَملَ بها أحَدٌ. هذا كَلامُ الخطَّابيِّ.

والمُختارُ جَوازُ المُزارَعةِ والمُخابَرةِ، وتَأويلُ الأحاديثِ على ما إذا اشتُرِطَ لِواحِدٍ زَرعُ قِطعةٍ مُعيَّنةٍ، ولِآخَرَ أُخرَى، والمَعروفُ في المَذهبِ إبطالُ هذه المُعامَلةِ، واللَّهُ أعلمُ، هذا كَلامُ الرَّوضةِ (١).

وقالَ في «شَرح مُسلِم»: وقالَ أبو حَنيفةَ، وزُفَرُ: المُزارَعةُ والمُساقاةُ فاسِدَتانِ، سَواءٌ جَمَعَهما أو فَرَّقَهما، ولَو عُقِدَتا فُسِخَتا.

وقالَ ابنُ أبي لَيلى وأبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ وسائِرُ الكُوفيِّينَ وفُقهاءُ المُحدَثينَ، وأحمَدُ وابنُ خُزَيمةَ وابنُ شُرَيحٍ وآخَرونَ: تَجوزُ المُساقاةُ والمُزارَعةُ مُجتَمِعَتَيْنِ، وتَجوزُ كلُّ واحِدةٍ مِنهما مُنفَرِدةً، وهذا هو الظَّاهِرُ


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٧٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>