للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ اللَّخميُّ : لِلمُساقِي أنْ يُساقيَ غَيرَه، عَجَزَ أو لَم يَعجِزْ؛ لأنَّ العَملَ في الذِّمةِ، ويَجوزُ أنْ يَدفَعَه لِأمينٍ، وإنْ لَم يكُنْ مِثلَه في الأمانةِ؛ فإنْ عَجَزَ ولَم يَجِدْ مَنْ يَأخُذُه إلَّا بمِثلِ الجُزءِ الأولِ، كانَ صاحِبُ المالِ بالخيارِ بينَ أنْ يُساقَى على ذلك، أو يَرُدَّ إليه ويَكونَ أحَقَّ بما يُساقِي غَيرَه. انتَهَى.

وَإذا عَجَزَ العامِلُ قبلَ الطِّيبِ، ولَم يَجِدْ أمينًا؛ فقالَ ربُّ الحائِطِ: أنا أستَأجِرُ مَنْ يَعمَلُ تَمامَ العَملِ، ويَبيعُ ما صارَ له مِنْ الثَّمرةِ، وأستَوْفِي ما أدَّيتَ، فإنْ فَضَلَ شَيءٍ فلَه، وإنْ نَقَصَ أُتْبِعُه، فيَنبَغي أنْ يَكونَ له ذلك؛ كَقَولِ ابنِ القاسِمِ في المُتزارِعَيْنِ يَعجِزُ أحَدَهُما بعدَ العَملِ وقَبلَ طِيبِ الزَّرعِ، قالَ: يُقالُ لِصاحِبِه: اعمَلْ؛ فإذا يَبِسَ الزَّرعُ واستَوفَيْتَ حَقَّكَ فما فَضَلَ فلَه، وما عَجَزَ اتَّبعْتَهُ به؛ لأنَّ العَملَ كانَ له لازِمًا، فكذلك هَذا (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: لَو هَرَبَ العامِلُ أو مَرِضَ أو عَجَزَ بغَيرِ ذلك قبلَ الفَراغِ مِنْ عَمِلَها، وأتَمَّه المالِكُ بنَفْسِه، أو مالِه، مُتبرِّعًا بالعَملِ، أو بمُؤنَتِه عن العامِلِ، بَقيَ استِحقاقُ العامِلِ؛ كَتَبَرُّعِ الأجنَبيِّ بأداءِ الدَّيْنِ، وكَذا لَو تَبرَّعَ عنه بحُضورِه، كانَ كذلك، أو تَبرَّعَ عنه بجَميعِ العَملِ، كانَ كذلك، وكَذا لَو فعلَه أجنَبيٌّ مُتبرِّعًا عن العامِلِ فكذلك سَواءٌ أجَهِلَه المالِكُ أم عَلِمَه، ولا يَلزَمُ المالِكَ إجابةُ الأجنَبيِّ المُتطوِّعِ.


(١) «التبصرة» (١٠/ ٤٧٠٩)، و «شرح ميارة» (٢/ ١٩٢، ١٩٤)، و «الذخيرة» (٦/ ١٠٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٢٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٤٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٥١)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٣٢٢)، و «منح الجليل» (٧/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>