للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: تُفسَخُ المُساقاةُ إذا مَرِضَ العامِلُ قبلَ إدراكِ الثَّمرِ، وعَجَزَ عن العَملِ، فتُفسَخُ المُساقاةُ؛ لأنَّه يَلحَقُه ضَرَرٌ بإلزامِه مَنْ يَعمَلُ بالأُجرةِ، وقَيَّدْنا بكَونِه قبلَ الإدراكِ؛ لأنَّه بَعدَه تَكونُ انتَهَتِ المُعامَلةُ؛ فلا يُمكِنُ الفَسخُ، ولَو أرادَ تَركَ العَملِ لَم يُمكِنْ، في الصَّحيحِ.

وَكَذا إذا أرادَ العامِلُ السَّفَرَ وفَسْخَ المُساقاةِ، تَنفَسِخُ (١).

وَذَهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ، المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في الجُملةِ إلى أنَّها لا تَنفَسِخُ بهذا على تَفصيلٍ عِندَهم.

قالَ المالِكيَّةُ: إذا عَجَزَ العامِلُ في المُساقاةِ مِنْ عَملِها بمانِعٍ طَرَأَ لَه، أو غيابٍ، بأنْ سافَرَ، فلا يَخلو عَجزُه؛ إمَّا أنْ يَكونَ بعدَ بُدُوِّ صَلاحِ الثَّمرةِ وجَوازِ بَيعِها، أو قبلَ ذلك:

فَإنْ كانَ عَجزُه بعدَ بُدُوِّ الصَّلاحِ؛ فإنَّه يُباعُ حَظُّه مِنْ الثَّمرةِ ويُستَأجَرُ بثَمنِه مَنْ يُكمِلُ العَملَ؛ فإنْ كانَ هناك فَضلٌ كانَ لَه، وإنْ كانَ هناك نُقصانٌ أُتْبِعَ به.

وإنْ كانَ عَجْزُ العامِلِ قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ؛ فإنْ وُجِدَ مَنْ يَقومُ مَقامَه فلا إشكالَ، وإنْ لَم يُوجَدْ فلا شَيءَ لِلعاملِ، ونَفَقَتُه وخِدمَتُه مُلغاةٌ، ويُعطيه إلى رَبِّه هَدَرًا بلا شَيءٍ، ولا يَجوزُ أنْ يُعطَى له ثَمنٌ في نَصيبِه مِنْ الثَّمرةِ؛ لأنَّه مِنْ بَيعِ الثَّمرةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها.


(١) «الهداية» (٤/ ٦١)، و «الاختيار» (٣/ ١٠٠)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٦٣)، و «اللباب» (٢/ ١٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٩٩)، و «درر الحكام» (٣/ ٥١٥، ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>