للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعن قَولِهم: إنَّه يُفضي إلى أنَّ ربَّ المالِ يَفسَخُ بعدَ إدراكِ الثَّمرةِ، قُلُنا: إذا ظَهرَتِ الثَّمرةُ تَظهَرُ على مِلْكِهِما؛ فلا يَسقُطَ حَقُّ العامِلِ مِنها بفَسخٍ ولا غَيرِه، كَما لَو فَسخَ المُضارَبةَ بعدَ ظُهورِ الرِّبحِ.

ومتى فَسخَ أحَدُهما بعدَ ظُهورِ الثَّمرةِ فهي بَينَهما على ما شَرَطاه، وعَلَى العامِلِ تَمامُ العَملِ، كَما يَلزَمُ المَضارِبَ بَيعُ العُروضِ إذا فُسِخَتِ المُضارَبةُ بعدَ ظُهورِ الرِّبحِ، وإنْ فَسخَ العامِلُ قبلَ ذلك فلا شَيءَ لَهُ؛ لأنَّه رَضيَ بإسقاطِ حَقِّه، فصارَ كَعامِلِ المُضارَبةِ إذا فَسخَ قبلَ ظُهورِ الرِّبحِ، وعامِلِ الجَعالةِ إذا فَسخَ قبلَ إتمامِ عَملِه.

وإنْ فَسخَ ربُّ المالِ قبلَ ظُهورِ الثَّمرةِ فعليه أجْرُ المِثلِ لِلعاملِ؛ لأنَّه مَنَعَه إتمامَ عَملِه الذي يَستَحقُّ به العِوَضَ، فأشبَهَ ما لَو فَسخَ الجاعِلُ قبلَ إتمامِ عَملِ الجَعالةِ، وفارَقَ ربَّ المالِ في المُضارَبةِ إذا فَسخَها قبلَ ظُهورِ الرِّبحِ؛ لأنَّ عَملَ هذا مُفضٍ إلى ظُهورِ الثَّمرةِ في الأغلَبِ، فلَولا الفَسخُ لَظَهرَتِ الثَّمرةُ، فملكَ نَصيبَه مِنها، وقَد قَطَعَ ذلك بفَسخِه، فأشبَهَ فَسخَ الجَعالةِ، بخِلافِ المُضارَبةِ؛ فإنَّه لا يُعلَمُ إفضاؤُها إلى الرِّبحِ، ولأنَّ الثَّمرةَ إذا ظَهرَتْ في الشَّجرِ كانَ العَملُ عليها في الِابتِداءِ مِنْ أسبابِ ظُهورِها، ولأنَّ الرِّبحَ إذا ظَهرَ في المُضارَبةِ قد لا يَكونُ لِلعَملِ الأولِ فيه أثَرٌ أصلًا.

وَفي قَولٍ لِلحَنابِلةِ: جائِزةٌ مِنْ جِهةِ العامِلِ، لَازِمةٌ مِنْ جِهةِ المالِكِ (١).


(١) «المغني» (٥/ ٢٣٣، ٢٣٤)، و «الكافي» (٢/ ٢٩٠)، و «المبدع» (٥/ ٤٩)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٧٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٣١)، و «الروض المربع» (٢/ ٨٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٠٤، ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>