للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: ألَّا تَحصُلَ مَشقةٌ في الطَّلبِ.

الثالِثةُ: أنْ يَكونَ الماءُ المُطلوبُ مُحقَّقَ الوُجودِ أو مَظنونَه أو مَشكوكَه، وكانَ البُعدُ مِيلَين فأكثَرَ أو كانَ في طلَبِه مِشقةٌ أو فَواتُ رُفقةٍ، ولو كانَ على أقَلَّ من مِيلَين فلا يَجبُ عليه طَلبُه (١).

وحَدَّه الشافِعيةُ بأربَعمِئةِ ذِراعٍ، وهو حَدُّ الغَوثِ، وهو مِقدارُ رَميةِ سَهمٍ، وذلك في حالةِ تَوهُّمِه للماءِ أو ظَنِّه أو شَكِّه فيه؛ فإنْ لم يَجدْ ماءً وتَيقَّنَ فَقْدَ الماءِ حَولَه تَيممَ بلا طَلبٍ، أمَّا إذا تَيقَّنَ وُجودَ الماءِ حَولَه طلَبَه في حَدِّ القُربِ (وهو سِتةُ آلافِ خُطوةٍ) ولا يُطلبُ الماءُ سَواءٌ في حَدِّ القُربِ أو الغَوثِ إلا إذا أمِنَ على نَفسِه ومالِه وانقِطاعِه عن الرُّفقةِ (٢).

أمَّا عن الحَنابِلةِ؛ فقالَ ابنُ قُدامةَ : وصِفةُ الطَّلبِ أنْ يَطلبَه في رَحلِه ثم إنْ رأى خُضرةً أو شَيئًا يَدلُّ على الماءِ قصَدَه فاستَبرأَه، وإنْ كانَ بقُربِه رَبوةٌ أو شَيءٌ قائِمٌ أتاه وأتى عندَه، وإنْ لم يَكنْ نظَرَ أَمامَه ووَراءَه وعن يَمينِه ويَسارِه وإنْ كانَت له رُفقةٌ يَدلُّ عليهم طَلبٌ منهم، ومَن وجَدَ مَنْ له خِبرةٌ بالمَكانِ سألَه عن مِياهِه؛ فإنْ لم يَجدْ فهو عادِمٌ، وإنْ دُلَّ على ماءٍ لزِمَه قَصدُه إنْ كانَ قَريبًا ما لم يَخَفْ على نَفسِه أو مالِه أو يَخشَ فَواتَ رُفقتِه ولم يَفُتِ الوَقتُ، قالَ: وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ (٣).


(١) حاشية الدسوقي على «الشرح الكبير» (١/ ١٥٣)، و «بلغة السالك» (١/ ١٢٩، ١٣١)، و «الفواكه الدواني» (١/ ١٥٤)، و «الخلاصة الفقهية» (١/ ٣٦).
(٢) «مغني المحتاج» (١/ ٨٨)، و «كفاية الأخيار» ص (٩٤، ٩٥)، و «الأوسط» (٢/ ٣٥).
(٣) «المغني» (١/ ٣٠٧)، و «الأوسط» (٢/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>