وعلى ربِّ المالِ ما فيه حِفظُ الأصلِ؛ كَسَدِّ الحِيطانِ وإنشاءِ الأنهارِ وعَملِ الدُّولابِ وحَفرِ بِئرِه وشِراءِ ما يُلقَّحُ به.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وعَبَّرَ بَعضُ أهلِ العِلمِ عن هذا بعِبارةٍ أُخرَى، فقالَ:«كلُّ ما يَتكرَّرُ كلَّ عامٍ فهو على العامِلِ، وما لا يَتكرَّرُ فهو على ربِّ المالِ»، وهذا صَحيحٌ في العَملِ، فأمَّا شِراءُ ما يُلقَّحُ به فهو على ربِّ المالِ، وإنْ تكَرَّرَ؛ لأنَّ هذا لَيسَ مِنْ العَملِ.
فَأمَّا البَقَرةُ التي تُديرُ الدُّولابَ، فقالَ أصحابُنا: هي على ربِّ المالِ؛ لأنَّها لَيسَتْ مِنْ العَملِ، فأشبَهَتْ ما يُلقَّحُ به، والأَوْلَى أنَّها على العامِلِ؛ لأنَّها تُرادُ لِلعَملِ؛ فأشبَهَتْ بَقَرَ الحَرثِ، ولأنَّ استِقاءَ الماءِ على العامِلِ إذا لَم يَحتَجْ إلى بَهيمةٍ، فكانَ عليه، وإنِ احتاجَ إلى بَهيمةٍ كَغَيرِه مِنْ الأعمالِ.
فَأمَّا تَسميدُ الأرضِ بالزِّبلِ إنِ احتاجَتْ إلَيهِ، فشِراءُ ذلك على ربِّ المالِ؛ لأنَّه لَيسَ مِنْ العَملِ، فجَرَى مَجرَى ما يُلقَّحُ به، وتَفريقُ ذلك في الأرضِ على العامِلِ؛ كالتَّلقيحِ.
وإنْ أطلَقا العَقدَ ولَم يُبيِّنا ما على كلِّ واحِدٍ مِنهما فعلى كلِّ واحِدٍ مِنهما ما ذَكَرْنا أنَّه عليه، وإنْ شرطَا ذلك كانَ تَأكيدًا.
وإنْ شرطَا على أحَدِهِما شَيئًا ممَّا يَلزَمُ الآخَرَ، فقالَ القاضي وأبو الخطَّابِ: لا يَجوزُ ذلك، فعلى هذا تَفسُدُ المُساقاةُ؛ لأنَّه شَرطٌ يُخالِفُ مُقَتَضَى العَقدِ، فأفسَدَهُ، كالمُضارَبةِ، إذا شُرِطَ العَملُ فيها على ربِّ المالِ.
وقد رُويَ عن أحمدَ ما يَدلُّ على صِحَّةِ ذلك؛ فإنَّه ذكرَ أنَّ الجِذاذَ عليهما؛ فإنْ شرطَه على العامِلِ جازَ، وهذا مُقتَضَى كَلامِ الخِرَقيِّ في