للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الضَّربُ الثَّاني: وهو ما يَعودُ نَفعُه على النَّخلِ دونَ الثَّمرةِ، فمِثلُ سَدِّ الحَظائِرِ، وحَفرِ الآبارِ، وشَقِّ السَّواقي، وكَرْيِ الأنهارِ. فكلُّ هذا ممَّا يَعودُ نَفعُه على النَّخلِ دونَ الثَّمرةِ، فلا يَجوزُ اشتِراطُ شَيءٍ مِنْ ذلك على العامِلِ، وكَذا ما شاكَلَه مِنْ عَملِ الدَّواليبِ، وإصلاحِ الزَّرانيقِ؛ فإنْ شرطَ ربُّ المالِ على العامِلِ شَيئًا ممَّا ذَكَرْنا، كانَ الشَّرطُ باطِلًا، وكانَتِ المُساقاةُ فاسِدةً، وقالَ بَعضُ أصحابِنا: يَبطُلُ الشَّرطُ، وتَصحُّ المُساقاةُ؛ حَملًا على الشُّروطِ الزَّائِدةِ في الرَّهنِ، تَبطُلُ ولا يَبطُلُ مَعَها الرَّهنُ في أحَدِ القوليْنِ، وهذا خَطَأٌ؛ لأنَّ عُقودَ المُعاوَضاتِ إذا تَضَمَّنَتْ شُروطًا فاسِدةً بَطَلَتْ؛ كالشُّروطِ الفاسِدةِ في البَيعِ، والإجارةِ، واللَّهُ أعلمُ.

وأمَّا الضَّربُ الثَّالث: وهو ما يَعودُ نَفعُه على النَّخلِ والثَّمرةِ؛ كالسَّقيِ، والإثارةِ، وقَطعِ الحَشيشِ المُضِرِّ بالنَّخلِ … ، إلى ما جَرَى هذا المَجرَى ممَّا فيه صَلاحُ النَّخلِ ومُستَزادٌ في الثَّمرةِ؛ فهذا على ضَربيْنِ:

أحَدُهما: ما لا تَصلُحُ الثَّمرةُ إلَّا به، كالسَّقْيِ فيما لا يَشرَبُ بعُروقِه مِنْ النَّخلِ حتى يُسقَى سَيْحًا، فهو على العامِلِ كَنَخلِ البَصرةِ، فهو وغَيرُه مِنْ شُروطِ هذا الفَصلِ سَواءٌ، وهو الضَّربُ الثَّاني في هَذَيْنِ الضَّربيْنِ، وفيه لِأصحابِنا ثَلاثةُ أوْجُهٍ:

أحَدُها: أنَّه واجِبٌ على العامِلِ بالعَقدِ نَفْسِه، واشتِراطُه عليه تَأكيدٌ، لِمَا فيه مِنْ صَلاحِ النَّخلِ وزيادةِ الثَّمرةِ.

والوَجهُ الثَّاني: أنَّه واجِبٌ على ربِّ النَّخلِ، واشتِراطُه على العامِلِ مُبطِلٌ لِلعَقدِ؛ لأنَّه بصَلاحِ النَّخلِ أخَصُّ منه بصَلاحِ الثَّمرةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>