للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالِكيَّةُ. وهذا بخِلافِ عامِلِ القِراضِ؛ فإنَّه لا يَجوزُ له أنْ يُقارِضَ عامِلًا آخَرَ، ولَو كانَ أمينًا، فإنْ فعلَ ضَمِنَ، والفَرقُ أنَّ مالَ القِراضِ يُغابُ عليه، والحائِطُ لا يُغابُ عليه.

والفَرقُ بينَ المُساقاةِ -حَيثُ كانَ لِلعاملِ أنْ يُساقيَ عليها-، وبَينَ المُضارَبةِ -حَيثُ لَم يَجُزْ لِلعاملِ أنْ يُضارِبَ بها- أنَّ تَصرُّفَ العامِلِ في المُضارَبةِ تَصرُّفٌ في حَقِّ ربِّ المالِ؛ لأنَّ العَقدَ لَيسَ بلازِمٍ، فلَم يَمْلِكْ الِافْتِياتَ عليه في تَصرُّفِه، وأنَّ تَصرُّفَ العامِلِ في المُساقاةِ تَصرُّفٌ في حَقِّ نَفْسِه؛ لِلُزومِ العَقدِ، فملكَ الِاستِنابةَ في تَصرُّفِه.

وتكونُ المُساقاةُ على مِثلِ نَصيبِه أو أقَلَّ.

فَإنْ ساقاه على أكثَرَ مِنْ الجُزءِ الذي ساقَى عليه صاحِبَ الحائِطِ -مِثلَ أنْ يَكونَ ساقاه صاحِبُ الحائِطِ على أنْ يَكونَ له النِّصفُ، وساقَى الآخَرَ على أنْ يَكونَ له الثُّلُثانِ- لا يَجوزُ عندَ الشافِعيَّةِ؛ لأنَّه لا يَملِكُ الزِّيادةَ.

وعِندَ المالِكيةِ في المَشهورِ -وهو قولُ مالِكٍ- أنَّه يَصحُّ، وتَكونُ له الزِّيادةُ، فتَكونُ الزِّيادةُ عليه إذا كانَ الجُزءُ الذي جعلَه أكثَرَ، وتَكونُ له إذا كانَ الجُزءُ المَشروطُ لِلعاملِ الثَّاني أقَلَّ.

وعلى القَولِ الذي يَقولُ: «إنَّها لا تَلزَمُ بالقَولِ، بَلْ هي مِنْ العُقودِ الجائِزةِ» فلا تَصحُّ (١).


(١) «المدونة الكبرى» (١٢/ ٨)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٣٢٥)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٣٦٩)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٥١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٤٥)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٣٤)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>