للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقَولُ الرابِعُ: أنَّ الفَرضَ إلى المَناكبِ، وهو شاذٌّ رُويَ عن الزُّهريِّ ومُحمدِ بنِ مَسلمةَ.

والسَّببُ في اختِلافِهم: اشتِراكُ اسمِ اليَدِ في لِسانِ العَربِ، وذلك أنَّ اليَدَ في كَلامِ العَربِ تُقالُ على ثَلاثةِ مَعانٍ: على الكَفِّ فقط، وهو أظهَرُها استِعمالًا، وتُقالُ على الكَفِّ والذِّراعِ، وتُقالُ على الكَفِّ والساعِدِ والعَضُدِ.

والسَّببُ الثاني: اختِلافُ الآثارِ في ذلك، وذلك أنَّ حَديثَ عَمارٍ المَشهورَ فيه من طُرقِه الثابِتةِ: «إنَّما يَكفيكَ أنْ تَضربَ بيَدِك، ثم تَنفُخَ فيها، ثم تَمسحَ بها وَجهَك وكَفَّيك».

وورَدَ في بعضِ طُرقِه أنَّه قالَ له : «وأنْ تَمسحَ بيَدَيك إلى المِرفَقينِ».

ورُويَ أيضًا عن ابنِ عُمرَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «التَّيممُ ضَربَتانِ: ضَربةٌ للوَجهِ، وضَربةٌ لليَدينِ إلى المِرفَقينِ»، ورُويَ أيضًا من طَريقِ ابنِ عَباسٍ ومن طَريقِ غيرِه.

فذهَبَ الجُمهورُ إلى تَرجيحِ هذه الأَحاديثِ على حَديثِ عَمارٍ الثابِتِ من جِهةِ عَضُدِ القياسِ لها أعني من جِهةِ قياسِ التَّيممِ على الوُضوءِ، وهو بعَينِه حمَلَهم على أنْ عَدَلوا بلَفظِ اسمِ اليَدِ عن الكَفِّ الذي هو فيه أظهَرُ إلى الكَفِّ والساعِدِ، ومَن زعَمَ أنَّه يُطلَقُ عليهما بالسَّواءِ وأنَّه ليسَ في أحدِهما أظهَرُ منه في الثاني فقد أخطَأَ؛ فإنَّ اليَدَ -وإنْ كانَت اسمًا مُشتَركًا-

<<  <  ج: ص:  >  >>