للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي في الكَفِّ حَقيقةٌ، وفيما فوقَ الكَفِّ مَجازٌ، وليسَ كلُّ اسمٍ مُشتَركٍ مُجملًا وإنَّما المُشتَركُ المُجملُ الذي وُضعَ من أوَّلِ أمرِه مُشتَركًا.

وفي هذا قالَ الفُقهاءُ: إنَّه لا يَصحُّ الاستِدلالُ به، ولذلك ما نَقولُ: إنَّ الصَّوابَ هو أنْ يُعتقَدَ أنَّ الفَرضَ إنَّما هو الكَفَّان فقط، وذلك أنَّ اسمَ اليَدِ لا يَخلو أنْ يَكونَ في الكَفِّ أظهَرَ منه في سائِرِ الأجزاءِ أو تَكونَ دِلالتُه على سائِرِ أجزاءِ الذِّراعِ والعَضُدِ بالسَّواءِ؛ فإنْ كانَ أظهَرَ يَجبُ المَصيرُ إليه على ما يَجبُ المَصيرُ إلى الأخذِ بالظاهِرِ وإنْ لم يَكنْ أظهَرَ يَجبُ المَصيرُ إلى الأخذِ بالأثَرِ الثابِتِ، فأمَّا أنْ يُغلَّبَ القياسُ ههنا على الأثَرِ فلا مَعنى له، ولا تَرجُحُ به أيضًا أَحاديثُ لم تَثبُتْ بعدُ فالقَولُ في هذه المَسألةِ بيِّنٌ من الكِتابِ والسُّنةِ فتَأمَّلْه.

وأمَّا مَنْ ذهَبَ إلى الآباطِ فإنَّما ذهَبَ إلى ذلك لأنَّه قد رُويَ في بعضِ طُرقِ حَديثِ عَمارٍ أنَّه قالَ: «تَيمَّمنا مع رَسولِ اللهِ فمَسَحنا بوُجوهِنا وأيدينا إلى المَناكِبِ» (١).

ومَن ذهَبَ إلى أنْ يَحملَ تلك الأَحاديثِ على النَّدبِ وحَديثَ عَمارٍ على الوُجوبِ فهو مَذهبٌ حَسنٌ، إذا كانَ الجَمعُ أَولى من التَّرجيحِ عندَ أهلِ الكَلامِ الفِقهيِّ إلا أنَّ هذا إنَّما يَنبَغي أنْ يُصارَ إليه إنْ صحَّت تلك الأَحاديثُ (٢).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه النسائي (٣١٥).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٤٩، ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>