للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ النَّوويُّ : وحَكى أبو ثَورٍ وغيرُه قَولًا للشافِعيِّ في القَديمِ أنَّه يَكفي مَسحُ الوَجهِ والكَفَّينِ، وأنكَرَ أبو حامِدٍ والماوَرديُّ وغيرُهما هذا القَولَ، وقالوا: لم يَذكرْه الشافِعيُّ في القَديمِ، وهذا الإنكارُ فاسِدٌ؛ فإنَّ أبا ثَورٍ من خَواصِّ أَصحابِ الشافِعيِّ وثِقاتِهم وأئِمَّتِهم، فنَقلُه عنه مَقبولٌ، وإذا لم يُوجدْ في القَديمِ حُملَ على أنَّه سمِعَه مُشافهةً، وهذا القَولُ -وإنْ كانَ قَديمًا مَرجوحًا عندَ الأَصحابِ- هو القَويُّ في الدَّليلِ وهو الأقرَبُ إلى ظاهِرِ السُّنةِ الصَّحيحةِ (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : اختَلفَ الفُقهاءُ في حَدِّ الأَيدي التي أمَرَ اللهُ بمَسحِها في التَّيممِ في قَولِه: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ على أربَعةِ أَقوالٍ:

القَولُ الأولُ: أنَّ الحَدَّ الواجِبَ في ذلك هو الحَدُّ الواجِبُ بعَينِه في الوُضوءِ، وهو إلى المَرافِقِ وهو مَشهورُ المَذهبِ وبه قالَ فُقهاءُ الأَمصارِ.

والقَولُ الثاني: أنَّ الفَرضَ هو مَسحُ الكَفِّ فقط، وبه قالَ أهلُ الظاهِرِ وأهلُ الحَديثِ.

والقَولُ الثالِثُ: الاستِحبابُ إلى المِرفَقينِ، والفَرضُ الكَفَّانِ وهو مَرويٌّ عن مالِكٍ.


(١) «المجموع» (٣/ ٣٠٦)، و «فتح الباري» (١/ ٥٣١)، و «الكافي» لابن عبد البر (١/ ٢٩)، و «الذخيرة» (١/ ٣٥٣)، و «تفسير القرطبي» (٥/ ٢٣٩)، و «المغني» (١/ ٢٣٩)، و «الكافي» (١/ ٦٢)، و «الإنصاف» (١/ ٣٠١)، و «الشرح الكبير» (١/ ١٥٨)، و «منار السبيل» (١/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>