للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجلِ السَّلامَ» (١)، رَواه أبو داودَ، إلا أنَّه من رِوايةِ مُحمدِ ابنِ ثابِتٍ العَبديِّ، وقالَ البَيهقيُّ: وقد صَحَّ عن ابنِ عُمرَ من قَولِه وفِعلِه التَّيممُ ضَربَتان: ضَربةٌ للوَجهِ، وضَربةُ لليَدينِ إلى المِرفَقينِ، فقَولُه وفِعلُه يَشهدُ لصِحةِ رِوايةِ العَبديِّ؛ فإنَّه لا يُخالِفُ النَّبيَّ فيما يَروي عنه.

قالَ الشافِعيُّ والبَيهَقيُّ: أخَذْنا بحَديثِ مَسحِ الذِّراعَينِ؛ لأنَّه مُوافِقٌ لظاهِرِ القُرآنِ وللقياسِ وأحوَطُ.

قالَ الخَطابيُّ: الاقتِصارُ على الكَفَّين أصَحُّ في الرِّوايةِ، ووُجوبُ الذِّراعَين أشبَهُ بالأُصولِ وأصَحُّ في القياسِ، واللهُ أعلَمُ (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ -وهو قَولٌ للشافِعيِّ في القَديمِ- إلى أنَّ الفَرضَ مَسحُ اليَدينِ في التَّيممِ إلى الكُوعَينِ، والسُّنةُ مِنْ الكُوعَينِ إلى المِرفَقينِ؛ لحَديثِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي أَبزَى قالَ: إنَّ رَجلًا أتى عُمرَ فقالَ: إنِّي أجنَبتُ فلم أجِدْ ماءً، فقالَ: لا تُصلِّ، فقالَ عَمارٌ: أمَا تَذكرُ يا أميرَ المُؤمِنينَ إذْ أنا وأنتَ في سَريةٍ فأجنَبْنا فلم نَجدْ ماءً، فأمَّا أنتَ فلم تُصلِّ وأمَّا أنا فتَمعَّكتُ في التُّرابِ (وفي رِوايةٍ: فتَمرَّغتُ) وصَلَّيتُ؟ فقالَ النَّبيُّ : «إنَّما كانَ يَكفيك أنْ تَضربَ بيدَيك الأرضَ ثم تَنفُخَ ثم تَمسحَ بهما وَجهَك وكَفَّيك» (٣).


(١) رواه أبو داود (٣٣٠)، وضعفه الألباني في «ضعيف أبي داود» (٢٧٩).
(٢) «المجموع» (٣/ ٢٠٦، ٢٠٩)، و «كفاية الأخيار» ص (١٠٠)، و «بدائع الصنائع» (١/ ١٧٤)، و «رد المحتار» (١/ ٣٩٢)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٠٤).
(٣) رواه البخاري (٣٣١)، ومسلم (٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>