وقال أبو يُوسُفَ ومُحمدٌ وأبو حَنيفةَ في ظاهِرِ الرِّوايةِ عنه: إذا عَمِل به ضَمِن، رَبِح، أو لَم يَربَحْ؛ لأنَّ الدَّفعَ إيداعٌ حَقيقةً، وإنَّما يَتقرَّرُ كَونُه لِلمُضارَبةِ بالتَّصرُّفِ.
وقال زُفَرُ وأبو يُوسُفَ في رِوايةٍ عنه: يَضمَنُ بالدَّفعِ، عَمِل أو لَم يَعمَلْ؛ لأنَّه ليس له أنْ يَدفعَ المالَ على وَجهِ المُضاربةِ؛ لأنَّ العَقدَ لا يَقتَضي مِثلَه على ما بَيَّناه فيَضمَنَ الأولُ بالدَّفعِ والآخَرُ بالأخْذِ؛ لأنَّ كلًّا منهما مُتعَدٍّ كالمُودَعِ إذا أعارَ الوَديعةَ بغَيرِ إذنِ صاحِبِه.
ثم رَبُّ المالِ بالخيارِ إنْ شاءَ ضَمِن الأولُ رأسَ مالِه؛ لأنَّه صارَ غاصِبًا بالدَّفعِ إلى غَيرِه بغَيرِ إذنِه، وإنْ شاءَ ضَمِن الآخَرُ؛ لأنَّه قبَض مالَ الغَيرِ بغَيرِ إذنِ صاحبِه، وهذا ظاهِرٌ على أصلِهما؛ لأنَّهما يُوجِبانِ الضَّمانَ على مُودَعِ المُودَعِ.
وأمَّا عندَ أبي حَنيفةَ فقد قيلَ: يَنبَغي ألَّا يَضمَنَ الآخَرُ كمُودَعِ المُودَعِ؛ لأنَّ المُودَعَ الآخَرَ يَقبِضُ لِمَنفَعةِ الأولِ، فلا يَكونُ ضامِنًا.
فإنْ ضَمِن الأولُ صَحَّتِ المُضاربةُ بينَ الأولِ والآخَرِ، والرِّبحُ بينَهما على ما شرَطا؛ لأنَّه بأداءِ الضَّمانِ مَلكَه مِنْ وَقتِ خالَفَ فصارَ كما لو دفَع مالَ نَفْسِه مُضاربةً إلى الآخَرِ، وإنْ ضَمِن الآخَرُ يَرجِعُ بما ضمِن على الأولِ؛ لأنَّه التَزمَ له سَلامةَ المَقبوضِ له عن الضَّمانِ؛ فإذا لَم يُسلِّمْ له رجَع