لأنَّهما دونَ المُضاربةِ، لا مِثلُها، فيَتضَمَّنهما، ولأنَّ هذا يُوجِبُ في المالِ حَقًّا لِغَيرِه، ولا يَجوزُ إيجابُ حَقٍّ في مالِ إنسانٍ بغَيرِ إذنِه (١).
إلا أنَّهم اختَلَفوا في الرِّبحِ الحاصِلِ في ذلك، وفي الضَّمانِ، هل يَضمَنُ بالدَّفعِ نَفْسِه أو لا بُدَّ مِنَ التَّصرُّفِ أو لا بُدَّ مِنْ رِبحِ المُضارِبِ الآخَرِ؟
فقال أبو حَنيفةَ في رِوايةِ الحَسَنِ عنه: لا يَضمَنُ بالدَّفعِ، ولا بتَصرُّفِ المُضارِبِ الآخَرِ حتى يَربَحَ؛ فإذا رَبِحَ ضمِن المُضارِبُ الأولُ لِرَبِّ المالِ؛ لأنَّ العَقدَ المُجرَّدَ لا يُوجِبُ الضَّمانَ؛ ولِهذا لا يَضمَنُ الفُضوليُّ بمُجرَّدِ بَيعِ مالِ الغَيرِ، ولا بالتَّسليمِ لِأجلِ التَّصرُّفِ؛ لأنَّه إيداعٌ، وهو يَملِكُ ذلك، ولا بالتَّصرُّفِ؛ لأنَّه وَكيلٌ فيه، وهو له أنْ يُوكِّلَ، وهذا لأنَّه إنَّما يَصيرُ ضامِنًا بالمُخالَفةِ، وبهذه الأشياءِ لا يَصيرُ مُخالِفًا، ألَا تَرى أنَّ له أنْ يَفعلَ كلُّ واحِدٍ منها على الانفِرادِ، فلا يَكونَ ضامِنًا به، لكنْ إذا رَبِح أثبَت الشَّركةَ فيه؟ وإثباتُ الشَّركةِ في مالِ الغَيرِ سَببٌ لِلضَّمانِ كما إذا خلَطه بمالِ غَيرِه.
(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٦٥، ٩٦)، و «العناية شرح الهداية» (١٢/ ١٣٩)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٤٧، ٤٤٨)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٦٣، ٦٤)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٤٤٧)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٩٥)، و «شرح مختصر خليل» للخرشي (٦/ ٢١٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥١٩)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٥٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٤٩)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٦٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٧٠، ٢٧١)، و «الديباج» (٢/ ٤٣٣)، و «المغني» (٥/ ٢٨، ٢٩)، و «المحرر» (١/ ٣٥١)، و «الفروع» (٤/ ٢٩٠)، و «الإنصاف» (٥/ ٤١٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٦، ٥٨٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٥)، و «مطالب أولى النهي» (٢/ ٥٠٧).