للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله أنْ يأتيَ بطَعامٍ إلى قَومٍ ويَأتونَ بمِثلِه، وذلك له واسِعٌ إذا لَم يَتعمَّدْ أنْ يَتفضَّلَ عليهم؛ فإنْ تَعمَّدَ ذلك بغَيرِ إذنِ صاحِبِه فليَتحلَّلْ صاحِبَه؛ فإنْ حَلَّله فلا بأسَ به، وإنْ أبى فليُكافِئْه بمِثلِه إنْ كان شَيئًا له مُكافأةٌ، أي يُعطيه بقَدْرِ ما يَخُصُّه، أي: فيما زادَه مِنَ الطَّعامِ على غَيرِه.

وقال الباجيُّ: إنِ اجتَمَع مع رُفقائِه فجاؤُوا بطَعامٍ على ما يَتخارَجُه الرُّفَقاءُ في السَّفرِ فذلك واسِعٌ، وإنْ كان بَعضُه أكثَرَ مِنْ بَعضٍ ما لَم يَتعمَّدْ أنْ يَتفضَّلَ عليهم بأمرٍ مُستَنكَرٍ.

وإنْ كان مِنهم مَنْ يأكُلُ في بَعضِ الأوقاتِ أكثَرَ مِنْ صاحِبِه ومَن يَصومُ في يَومٍ دونَ رُفقائِه فذلك جائِزٌ، وكذلك إذا أخرَج كلُّ واحِدٍ منهم بقَدْرِ ما يَتساوى فيه ثم يُنفِقون منه في طَعامِهم وغَيرِه مما مَسَّتهم الحاجةُ إليه، وذلك لأنَّ انفِرادَ كلِّ إنسانٍ بتَوَلِّي طَعامِه يَشُقُّ عليه ويَشغَلُه عما هو بسَبَبِه مِنْ أمرِ تِجارَتِه، قال ابنُ عَرَفةَ: وكذلك غَيرُ المُسافِرينَ، قالَه بَعضُ مَنْ لَقيتُ، وهو واضِحٌ. اه.

وسمِع ابنُ القاسِمِ: لا بأسَ على عامِلِ القِراضِ في إعطاءِ السائِلِ الكِسرةَ، وكذلك التَّمراتُ. قال ابنُ رُشدٍ؛ لأنَّه مِنَ اليَسيرِ الذي لا يُتشاحُّ في مِثلِه.

وكذا الوَصيُّ يُعطي السائِلَ مِنْ مالِ يَتيمِه، وأصلُه قَولُ اللهِ : ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾ [النور: ٦١] الآيةَ (١).


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣١٤)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٢٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٤٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٦٣، ٦٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٣٨، ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>