ولا يأخُذُ سَفتَجةً؛ لأنَّ أخْذَها استِدانةٌ، وهو لا يَملِكُ الاستِدانةَ.
وكذا لا يُعطَى سَفتَجةً؛ لأنَّ إعطاءَ السَّفتَجةِ إقراضٌ، وهو لا يَملِكُ الإقراضَ إلا بالتَّنصيصِ عليه هكذا، قال مُحمدٌ عن أبي حَنيفةَ: إنَّه قال: ليس له أنْ يُقرِضَ ولا أنْ يأخُذَ سَفتَجةً حتى يأمُرَه بذلك بعَينِه، فيَقولَ له خُذِ السَّفاتِجَ وأقرِضْ إنْ أحبَبتَ.
فأمَّا إذا قال له:«اعمَلْ في ذلك برأيِكَ»؛ فإنَّما هذا على البَيعِ والشِّراءِ والشَّركةِ والمُضارَبةِ وخَلطِ المالِ، وهذا قَولُ أبي يُوسُفَ، وقَولُنا، لِما ذَكَرنا أنَّ قَولَه:«اعمَلْ في ذلك برأيِك»، تَفويضُ الرَّأيِ إليه في المُضاربةِ والتَّبرُّعِ ليس مِنْ عَملِ المُضارَبةِ (١).
وقال المالِكيَّةُ: ليس لِلعامِلِ أنْ يَهَب مِنْ مالِ القِراضِ شَيئًا لِغَيرِ ثَوابٍ بكَثيرٍ، ولو لِلاستِئلافِ، وأمَّا هِبةُ القَليلِ كدَفعِ لُقمةٍ لِسائِلٍ ونَحوِها فجائِزٌ، كما أنَّه يَجوزُ له أنْ يَهَب لِلثَّوابِ؛ لأنَّها بَيعٌ، والفَرقُ بينَ الشَّريكِ وعامِلِ القِراضِ حيث جازَ لِلشَّريكِ هِبةُ كَثيرٍ لِلِاستِئلافِ دونَ المُقارِضِ أنَّ العامِلَ الراجِحَ فيه أنَّه أجيرٌ، والقَولُ بأنَّه شَريكٌ مَرجوحٌ وحينَئِذٍ فالشَّريكُ أقوى منه.
ولا يُولِّي بسِلعةٍ مِنَ القِراضِ بأنْ يَشتريَ السِّلعةَ لِلقِراضِ فيُولِّيَها لِغَيرِه بمِثلِ ما اشتَرى به لِتَعلُّقِ حَقِّ رَبِّ المالِ بالرِّبحِ فيها، وهذا ما لَم يَخَفِ الوَضيعةَ -أي الخُسرَ- فيها وإلا جازَ.
(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٩٢)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٤٨)، و «الهداية» (٣/ ٢١١)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٦٩)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٥٥)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٢٩٢).