للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاءَ في «المُدوَّنةِ الكُبرى»: في التاجِرِ الحاجِّ يأخُذُ مالًا قِراضًا:

قال عَبدُ الرَّحمنِ بنُ القاسِمِ: قُلنا لِمالِكٍ: إنَّ عندَنا تُجارًا قد عَرَفوا أيامَ المَوسِمِ يأخُذون المالَ قِراضًا فيَشتَرون البِغالَ والرَّقيقَ وغَيرَ ذلك فيَخرُجونَ بها فيَشهَدون بها المَوسِمَ، ولولا ذلك ما خرَجوا إلى المَوسِمِ فيما يُظَنُّ بهم، أفَتَرَى لهم نَفقةً في مالِ القِراضِ؟ فقال مالِكٌ: لا، أيَخرُجُ حاجًّا وتَكونُ نَفَقتُه مِنْ مالِ القِراضِ؟! فأبى ذلك، وقال: لا نَفقةَ له، ولا لِلغازي. قال: فقُلنا لِمالِكٍ في رُجوعِه، قال: ولا في رُجوعِه إلى بَيتِه، لا يَكونُ له نَفقةٌ، قال: فقُلنا له: فالرَّجلُ يَقدَمُ من بَلَدِه إلى بَلدٍ آخَرَ فيأخُذُ المالَ قِراضًا فيَسيرُ به إلى بَلَدِه، وفيها التِّجارةُ التي يُريدُ أنْ يَتَّجِرَ فيها، قال مالِكٌ: لا نَفقةَ له في ذَهابِه ولا في إقامَتِه في أهلِه، قال مالِكٌ: وله النَّفقةُ في رُجوعِه، ولَم يَجعَلْه مِثلَ الحاجِّ ولا الغازي، قال: ولقد سألتُ مالِكًا عن الرَّجلِ يَتجهَّزُ بمالٍ أخَذَه قِراضًا وأرادَ سَفرًا فتَكارَى به واشتَرى ثِيابًا لِنَفْسِه وطَعامًا مِنْ مالِ القِراضِ، فلَمَّا كانت اللَّيلةُ التي أرادَ الخُروجَ أتاه رَجلٌ بمالٍ فقال له: خُذْ هذا قِراضًا، فكيف تَرى أنْ تَكونَ له النَّفقةُ؟ أمِنَ المالِ الأولِ أم نَفَقتُه على المالَيْن جَميعًا؟ قال: بل نَفَقتُه على المالَيْن جَميعًا على قَدْرِهما (١).

وعلى مُقابِلِ الأظهَرِ عندَ الشافِعيَّةِ أنَّه لا يَستحِقُّ النَّفقةَ إلا في الرِّبحِ؛ لأنَّ مُقتَضى القِراضِ رَدُّ رأسِ المالِ.


(١) «المدونة الكبرى» (١٢/ ٩٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>