والآخَرُ: أنه يَستحِقُّ ما زادَ لِأجلِ السَّفرِ على نَفقةِ الحَضرِ؛ لأنَّ ذلك هو القَدْرُ الذي لَزِمه لِأجلِ السَّفرِ.
وهل يَفتَقِرُ إلى تَقديرِ النَّفقةِ؟ فيه قَولانِ:
الأولُ: قال في البُويطِيِّ: يَفتَقِرُ إلى تَقديرِ النَّفقةِ في عَقدِ القِراضِ؛ لأنَّه جُزءٌ يَستحِقُّه العامِلُ مِنْ مالِ القِراضِ، فكان مُقدَّرًا، كحِصَّتِه مِنَ الرِّبحِ.
والآخَرُ: لا يَفتَقِرُ، وهو الأصَحُّ؛ لأنَّ الأسفارَ تَختلِفُ، فيَقِلُّ الإنفاقُ فيها ويَكثُرُ، وذلك لا يُمكِنُ تَقديرُه، بخِلافِ حِصَّةِ العامِلِ مِنَ الرِّبحِ، قال أبو العَبَّاسِ، وأبو إسحاقَ: يَضعُفُ التَّقديرُ جِدًّا.
قال النَّوَويُّ ﵀: ويَتفرَّعُ على الإثباتِ مَسائِلُ:
منها: لو استَصحَبَ مالَ نَفْسِه مع مالِ القِراضِ وُزِّعت النَّفقةُ على قَدْرِ المالَيْن، قال الإمامُ ويَجوزُ أنْ يَنظُرَ إلى قَدْرِ العَملِ على المالَيْن ويُوزَّعُ على أُجرةِ مِثلِهما.
وقال أبو الفَرجِ السَّرخَسيُّ ﵀: إنَّما يُوزَّعُ إذا كان مالُه قَدْرًا يُقصَدُ السَّفرُ له.
قُلتُ: قد قال بمِثلِ قَولِ السَّرخَسيِّ أبو علِيٍّ في «الإفصاحِ»، وصاحِبُ البَيانِ، واللهُ ﷾ أعلَمُ.