للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم يَستحِقُّ مِنَ النَّفقةِ؟ فيه وَجهانِ:

أحَدُهما: جَميعُ النَّفقةِ؛ لأنَّه يُسافِرُ لِأجلِ المالِ، فكان جَميعُ نَفَقتِه فيه.

والآخَرُ: أنه يَستحِقُّ ما زادَ لِأجلِ السَّفرِ على نَفقةِ الحَضرِ؛ لأنَّ ذلك هو القَدْرُ الذي لَزِمه لِأجلِ السَّفرِ.

وهل يَفتَقِرُ إلى تَقديرِ النَّفقةِ؟ فيه قَولانِ:

الأولُ: قال في البُويطِيِّ: يَفتَقِرُ إلى تَقديرِ النَّفقةِ في عَقدِ القِراضِ؛ لأنَّه جُزءٌ يَستحِقُّه العامِلُ مِنْ مالِ القِراضِ، فكان مُقدَّرًا، كحِصَّتِه مِنَ الرِّبحِ.

والآخَرُ: لا يَفتَقِرُ، وهو الأصَحُّ؛ لأنَّ الأسفارَ تَختلِفُ، فيَقِلُّ الإنفاقُ فيها ويَكثُرُ، وذلك لا يُمكِنُ تَقديرُه، بخِلافِ حِصَّةِ العامِلِ مِنَ الرِّبحِ، قال أبو العَبَّاسِ، وأبو إسحاقَ: يَضعُفُ التَّقديرُ جِدًّا.

قال النَّوَويُّ : ويَتفرَّعُ على الإثباتِ مَسائِلُ:

منها: لو استَصحَبَ مالَ نَفْسِه مع مالِ القِراضِ وُزِّعت النَّفقةُ على قَدْرِ المالَيْن، قال الإمامُ ويَجوزُ أنْ يَنظُرَ إلى قَدْرِ العَملِ على المالَيْن ويُوزَّعُ على أُجرةِ مِثلِهما.

وقال أبو الفَرجِ السَّرخَسيُّ : إنَّما يُوزَّعُ إذا كان مالُه قَدْرًا يُقصَدُ السَّفرُ له.

قُلتُ: قد قال بمِثلِ قَولِ السَّرخَسيِّ أبو علِيٍّ في «الإفصاحِ»، وصاحِبُ البَيانِ، واللهُ أعلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>