للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان له أهلٌ بالكوفةِ وأهلٌ بالبَصرةِ ووَطَنه فيهما جَميعًا فخرَج بالمالِ مِنَ الكوفةِ لِيَتَّجِرَ فيه بالبَصرةِ؛ فإنَّه يُنْفِقُ مِنْ مالِ المُضاربةِ في طَريقِه؛ فإذا دخَل البَصرةَ كانت نَفَقتُه على نَفْسِه ما دام بها؛ فإذا خرَج منها راجِعًا إلى الكوفةِ أنفَقَ مِنْ مالِ المُضاربةِ في سَفرِه؛ لأنَّ سفَره في الذَّهابِ والرُّجوعِ لِأجلِ المُضاربةِ، أمَّا في البَلدتَيْن فهو مُقيمٌ في أهلِه وإقامَتُه في أهلِه ليست لِأجلِ المُضاربةِ، ففي البَلدتَيْن يُنْفِقُ مِنْ مالِ نَفْسِه.

ولو كان أهلُ المُضارِبِ بالكوفةِ وأهلُ رَبِّ المالِ بالبَصرةِ فخرَج بالمالِ إلى البَصرةِ مع رَبِّ المالِ لِيَتَّجِرَ فيه فنَفَقتُه في طَريقِه، وبالبَصرةِ وفي رُجوعِه إلى الكوفةِ مِنْ مالِ المُضاربةِ؛ لأنَّ مُقامَه بالبَصرةِ لِأجلِ مالِ المُضاربةِ، إذْ ليس له أهلٌ بالبَصرةِ لِتَكونَ البَصرةُ وَطنَ الإقامةِ له ويَستَوي إنْ نَوى الإقامةَ بها خَمسةَ عَشَرَ يَومًا أو أقَلَّ؛ لأنَّ التاجِرَ في المالِ العَظيمِ قد يَحتاجُ إلى هذا القَدْرِ مِنَ المُقامِ في بَلَدِه لِأجلِ التَّصرُّفِ في المالِ، وبهذه النِّيَّةِ تَصيرُ البَصرةُ وَطنًا مُستعارًا له بخِلافِ ما لو كان له بها أهلٌ أو تأهَّلَ بها؛ لأنَّه حينَئِذٍ تَصيرُ البَصرةُ وَطنَ إقامَتِه.

ولو دفَع إليه المالَ مُضاربةً وهُما بالكوفةِ وليستِ الكوفةُ بوَطنٍ لِلمُضارِبِ لَم يُنفِقْ على نَفْسِه مِنَ المالِ ما دام بالكوفةِ؛ لأنَّ إقامتَه بالكوفةِ على أيِّ وَجهٍ كان ليست لِأجلِ المُضاربةِ، ألَا تَرى أنَّه قبلَ عَقدِ المُضاربةِ كان مُقيمًا بها، فلا يَستوجِبُ النَّفقةَ في مالِ المُضاربةِ ما لَم يَخرُجْ منها؛ فإنْ خرَج منها إلى وَطَنِه ثم عاد إليها في تِجارَتِه أنفَقَ بالكوفةِ مِنْ مالِ المُضاربةِ؛ لأنَّه حين سافَرَ بعدَ عَقدِ المُضاربةِ استَوجَبَ النَّفقةَ في مالِ المُضاربةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>