للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِه، فكَما أنَّه يَصرِفُ مالَ نَفْسِه في هذه الأشياءِ كما يَصرِفُ في النَّفقةِ، فكذلك مالُ المُضاربةِ.

وَجهُ ظاهِرِ الرِّوايةِ أنَّه إنَّما يَستوجِبُ النَّفَقةَ في مالِ المُضارَبةِ وثَمنِ الدَّواءِ وأُجرةِ الحَجَّامِ، وما يَحتاجُ إليه مِنَ العِلاجِ ليس مِنَ النَّفقةِ، ألَا تَرى أنَّ الزَّوجةَ لا تَستحِقُّ شَيئًا مِنْ ذلك على زَوجِها بخِلافِ النَّفقةِ، ثم الحاجةُ إلى هذه الأشياءِ غَيرُ مُعتادةٍ، بل هي نادِرةٌ، والنادِرُ لا يُستحَقُّ بطَريقِ العادةِ.

ولو استأجَرَ أجيرًا يَخدُمُه في سَفرِه وفي مِصرِه الذي أتاه لِيَخبِزَ له ويَطبُخَ ويَغسِلَ ثِيابَه ويَعمَلَ له ما لا بُدَّ له منه، احتَسَب بذلك على المُضارِبِ؛ لأنَّه لو لَم يَستأجِرِ احتاجَ إلى إقامةِ هذه الأعمالِ بنَفْسِه؛ فإنَّه ما لا بُدَّ له منه، وإذا عَمِل له أجيرُه تَفرَّغ هو لِلعَملِ في مالِ المُضاربةِ، فكان في هذا الاستِئجارِ مَنفَعةٌ لِلمُضاربةِ، وكذلك لو كان معه غِلمانٌ له يَعمَلونَ في المالِ كانوا بمَنزِلتِه، ونَفَقتُهم في مالِ المُضارَبةِ؛ لأنَّ نَفَقتَهم كنَفقتِه، وهُم يَعمَلون له في المالِ، كما يَعمَلُ هو، ومَن يَستحِقُّ نَفَقتَه على إنسانٍ يَستحِقُّ نَفقةَ خادِمِه كالمَرأةِ على زَوجِها، إلا أنَّها لا تَحتاجُ إلى الزِّيادةِ على خادِمٍ واحِدٍ في عَملِها لِلزَّوجِ في بَيتِه، وقد يَحتاجُ المُضارِبُ إلى غِلمانٍ يَعمَلون في المالِ معه، فلِهذا كانت نَفَقتُهم في مالِ المُضارَبةِ.

وكذلك لو كان لِلمُضارِبِ دَوابُّ يَحمِلُ عليها مَتاعَ المُضاربةِ إلى مِصرٍ مِنَ الأمصارِ كان عَلفُها على المُضاربةِ ما دامَتْ في عَمَلِها؛ لأنَّها بالعَلفِ تَتقوَّى على حَملِ المَتاعِ، ومَنفعةُ ذلك راجِعةٌ إلى مالِ المُضاربةِ، وإذا أرادَ القِسمةَ بدأ برأسِ المالِ فأُخرِجَ مِنَ المالِ، وجُعِلت النَّفقةُ مما بَقيَ؛ فإنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>