للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالزَّوجةِ وسائِرِ مَنْ تَجِبُ نَفَقتُه على غَيرِه؛ لأنَّ إطلاقَ النَّفقةِ يَقتَضي جَميعَ ما هو مِنْ ضَروراتِه المُعتادةِ، فكان له النَّفقةُ والكِسوةُ، وهي إباحةٌ، فلا تُنافِي ما تَقدَّم أنَّ شَرطَ دَراهمَ مَعلومةٍ يُبطِلُها. وتَردَّد ابنُ نَصرِ اللهِ، هل النَّفقةُ مِنْ رأسِ المالِ أو مِنَ الرِّبحِ؟ قال البُهوتيُّ: بل الظَّنُّ أنَّها مِنَ الرِّبحِ.

وإنْ تَعدَّد رَبُّ المالِ؛ بأنْ كان عامِلًا لاثنَيْن فأكثَرَ، أو عامِلاً لِواحِدٍ، ومعه مالٌ لِنَفْسِه أو بِضاعةٌ لِآخَرَ، واشتَرَطَ لِنَفْسِه نَفقةَ السَّفرِ؛ فالنَّفقةُ على قَدْرِ مالِ كلٍّ منهما، أو منهم؛ لأنَّ النَّفقةَ وَجبَت لِأجْلِ عَملِه في المالِ، فكانت على قَدْرِ مالِ كلٍّ فيه، إلا أنْ يَشرُطَها بَعضٌ مِنْ أربابِ المالِ مِنْ مالِه عالِمًا بالحالِ، وهو كَونُ العامِلِ يَعمَلُ في مالِ آخَرَ مع مالِه؛ فيَختَصُّ بمالِه؛ لِدُخولِه عليه؛ فإنْ لَم يَعلَمْ بالحالِ فعَليه بالحِصَّةِ، وحيثُ شُرِطت النَّفقةُ لِلعامِلِ، فادَّعى أنَّه أنفَقَ مِنْ مالِه المُختَصِّ به بنِيَّةِ الرُّجوعِ؛ قُبِل قَولُه؛ لأنَّه أمينٌ، ورجَع بما أنفَقه، ولو كان ذلك بعَد رُجوعِ مالِ المُضاربةِ لِرَبِّه واحِدًا كان أو مُتعَدِّدًا.

ولو لَقيَ رَبُّ المالِ العامِلَ ببَلدٍ كان قد أذِنَ له في سَفرِه إليه بالمالِ، وقد نَضَّ المالُ بأنْ صارَ المَتاعُ نَقدًا، فأخَذَه رَبُّه منه فلا نَفقةَ لِلعامِلِ؛ لِرُجوعِه إلى البَلدِ الذي سافَر منه؛ لأنَّه إنَّما يَستحِقُّ النَّفَقةَ ما داما في القِراضِ، وقد زال القِراضُ فزالَتِ النَّفقةُ، ولذلك لو مات لَم يَجِبْ تَكفينُه، ولو اشتَرطَ النَّفقةَ؛ لِانقِطاعِ القِراضِ بمَوتِه، فانقَطَعت النَّفقةُ.

وقد قيلَ له ذلك؛ لأنَّه كان شَرَط له نَفقةَ ذَهابِه ورُجوعِه وغَيرِ ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>